في مناسبة صدور الطبعة العبرية من روايته «الوجوه البيضاء»، أجرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية مقابلة هاتفية مع الكاتب اللبناني الياس خوري (الصورة، 1948) الموجود حالياً في نيويورك حيث يعلّم مادة الأدب العربي في «جامعة نيويورك». مرة أخرى، نجد أنفسنا أمام إشكالية التطبيع مع العدو الإسرائيلي. هل تعتبر مقابلة كاتب عربي مع صحيفة إسرائيلية تطبيعاً، أم أنّها اختراق للوجدان الإسرائيلي؟ من يقرأ المقابلة، يعجب لما فيها من موقف ثابت من إسرائيل ولو أنّ هناك اعترافاً واضحاً لا لبس فيه بإسرائيل وحقها في الوجود، ولكن مع ضرورة تلقين الإسرائيلي دروساً في التواضع والإنسانية عبر هزيمته عسكرياً.
موقف الأستاذ الياس خوري ليس غريباً، بل هو مألوف من كثيرين يحتكون بالإسرائيلي في الخارج وتخف حدة موقفهم من إسرائيل، رغم أنّ الإسرائيلي نفسه الذي يحتك بالعرب في الخارج، لا تتغير مواقفه إطلاقاً من موضوع القضية الفلسطينية كله. إلا أنّه يرى في الأمر فرصة للتطبيع مع العرب ولأخذهم الى صفه كي يخلق تدريجاً عزلة كاملة للفلسطيني. الأستاذ الياس خوري أوعى من ذلك، فهو لم يوفر إسرائيل في مقابلته مع «هآرتس».

إلا أنّ الإسرائيلي فهم العقل العربي الحالي جيداً. ولذا، سمح للياس خوري بأن يجري اختراقاً في العقل الإسرائيلي عبر مقابلة كل ما فيها يخالف ما يؤمن به ويعرفه الإسرائيلي عن لبنان والعرب والفلسطينيين. ويبدو أنّ الصحافي الإسرائيلي قرر إعطاء خوري المجال للكلام على راحته من دون مناقضته أو استفزازه، فأتت المقابلة لتعكس الخطاب العربي والفلسطيني الوطني. لكن ما يدركه الإسرائيلي أنّ الياس خوري الذي يصف نفسه في المقابلة بأنّه كاتب ومثقف وطني، وحارب مع الشعب الفلسطيني وأصيب بجراح كادت أن تودي ببصره يعطي عبر مقابلته هذه شرعية لكل كاتب وطني أو غير وطني أن يخاطب إسرائيل وتخاطبه في المقابل. وبذلك، تشبه مقابلة الياس خوري مع الصحافة الإسرائيلية زيارة البطريرك الراعي للقدس المحتلة... فكل ما تريده إسرائيل هو صورة تنشرها حول العالم وتجعلها تكسب أصدقاء جدداً لأنّه «حتى أعداء إسرائيل يجالسونها ويتصورون معها»: صورة عرفات يصافح رابين، صورة السادات يصافح بيغن، صورة البطريرك الراعي بين ساسة وجنود إسرائيل!
المقال كاملاً