افتتحت مروى خليل ووفاء حلاوي أخيراً مسرحية «زنود الست» على خشبة «مسرح مونو» (كتابتهما وتمثيلهما، إخراج شادي الزين) بمشاركة باتريسيا نمّور تمثيلاً. في خضم العروض الآنية التي تحتضنها مسارح بيروت حول موضوع المرأة ومعاناتها، قامت خليل وحلاوي بكتابة كوميديا سوداء مستوحاة من نصوص الإيطالي داريو فو والكندية كارول فروشيت.
يتمحور العمل حول شخصية أمل الزوجة القابعة بين ماكينات الغسيل والطبخ في عالم استهلاكي يصنع السعادة النمطية كما في دعايات مساحيق التنظيف. لكن الوضع سرعان ما يتغير، لننتقل مع أمل بين حالات مختلفة، حين تجد نفسها محكومة من قبل الزوج أو غارقة في الواجبات المنزلية والعائلية. وسط هذه الدوامة، تغرق المرأة في أحلام وردية تنطلق من رغبتها وشهواتها الجنسية بعد خيبات على الصعيد الزوجي.
تصور الكاتبتان المرأة في جميع مراحلها العمرية، ومعها الزوج الذي تحول من كائن رومانسي قبل الزواج الى كائن شبه ميت بعده. هكذا، ترثي زواجها، فتمرّ في رأسها فكرة قتل الشريك. لكنها تنتهي بتشويه جسدها وشكلها الخارجي، فتختنق وتتحول إلى شبه صنم تحت تأثير عمليات التجميل. دور أمل أدّته ثلاث ممثلات، ولعل هذا الخيار أتاح تجسيد انهماك المرأة وكثرة واجباتها وأضاف نكهة كوميدية إلى العمل. إلا أنه من جهة أخرى، لم يوضّح جوانب محددة في المرأة نفسها.

اللعبة الأدائية بين الممثلات الثلاث منسجمة تحت إدارة قوية لشادي الزين

رغم أن العمل مشغول بإتقان على صعيدَي التمثيل والإخراج، تمكّن من إيصال النص بشكل فني وبصري لافت، إلا أنه اصطدم بمطبات عدّة. اكتفى النص بطرح حالات كثيرة من حياة المرأة، من دون القدرة على حبكها جيداً ضمن خط درامي يكفل المحافظة على انتباه الجمهور لمدة ساعة وأربعين دقيقة. انطلقت الكاتبتان في بناء النص من عرض حالات لامتناهية، من دون ربط خيوط المشاهد أو حياكتها بمتانة. بدا نسيج النص هشاً يراوح مكانه، فيما أوقع العرض في أزمة إيقاع لم يسعفه فيها المجهود الفني الكبير (على أصعدة التمثيل والإخراج والحوار المضحك). هكذا، ظلّت المشاهد تتكاثر على الوتيرة ذاتها فترة طويلة، بينما كان بإمكان إعداد النص أن يضبطها.
بدت اللعبة الأدائية بين الممثلات الثلاث منسجمة ومتوازية تحت إدارة قوية لشادي الزين. تمكّن المخرج من تجسيد واقع المرأة ضمن إطار كوميدي ساخر، فأعطى مشهدية مكثفة عكست الحياة الظاهرية السعيدة وحملت في طياتها ألماً في الوقت نفسه. وقد عمل على تطوير دلالات عناصر السينوغرافيا عبر الاستخدام المتعدّد للأغراض المسرحية الموجودة في المنزل، ومنحها مدلولات تماشت مع تحوّل المشاعر والوضعيات التي مرّت بها أمل. ولعل مشهد الزواج دليل على ذلك، إذ تحوّل خلاله المنزل إلى كنيسة من حيث لا ندري.




«زنود الست»: 20:30 مساء حتى الأول من حزيران (يونيو) _ «مسرح مونو» (الأشرفية _ بيروت). للاستعلام: 01/202422