القاهرة | إعلاميون بارزون، وأصحاب مناصب رفيعة من العالم شاركوا في «منتدى الإعلام العربي»، الذي اختتم أمس، لكن ستظلّ الدورة الـ13 تحديداً معروفة باسم منى البحيري. حين ظهرت للمرة الأولى عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل 3 أشهر، لم يكن أحد يعرف اسمها. ككثيرين من البسطاء الذين يلتقطهم مصوّرو الفيديوهات الإخبارية عبر اليوتيوب، كانت مجرّد سيدة تتحدّث بطريقة لافتة مثل كثيرات ظهرن للسبب نفسه أخيراً كالسيدة «أم أشرف».
الأخيرة نالت شهرتها بعدما صفعها شاب إخواني أمام مقرّ محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي. كذلك «أم محمد» أو «مدام إيمان عبد العزيز» التي دخلت في تحدّ مع الإعلامي باسم يوسف واتهمته بالحصول على 5 مليارات دولار، وزادت شهرتها حين استعان باسم بلقطات لها فور عودة «البرنامج» على «أم. بي. سي. مصر»، لكنّ أياً من هؤلاء لم تنجح في العبور من بوابات مطار القاهرة إلى دبي، بالكاد تتمنّى إحداهن أن يوفّق أبناؤها في العثور على فرصة عمل هناك بأيّ معاش للخروج من الواقع العصيب. وحدها منى البحيري أو «أم نسمة» فعلتها، حين تربّعت على عرش الشهرة بفضل الرسالة التي وجّهتها إلى باراك أوباما، وطالبته بأن يغلق فمه ولا يتدخّل في شؤون مصر، لكنها لم تقل الرسالة بالعربية الفصحى، أو حتى بالعامية المصرية، بل بلغة انكليزية ركيكة أثارت سخرية الملايين. تنتمي البحيري إلى محافظة المنوفية، مسقط رأس العديد من السياسيين المصريين، أبرزهم أنور السادات وحسني مبارك. تبلغ منى 40 عاماً. لم تدخل الجامعة بل حصلت على «دبلوم في التجارة» عام 1992 (شهادة متوسطة 3 سنوات بعد الاعدادية)، ولا تعمل، بل تقيم في منزل بسيط في جنوب القاهرة.

تنتمي إلى محافظة
المنوفية وتبلغ منى 40 عاماً
ولم تدخل الجامعة

قبل أن يشاهدها المسؤولون عن «منتدى الإعلام العربي» رأوا الصورة من زاوية مختلفة، ووجّهوا إليها الدعوة للمشاركة، ليس في المحاضرات طبعاً، بل فقط في الأجواء. هكذا برّرت منى المري رئيسة اللجنة العليا المنظمة لـ «منتدى الإعلام العربي» وجود البحيري، معترفةً بأنّ المنتدى أراد تقديم نماذج صنعها الإعلام الجديد، لكن التبرير لم يمنع استمرار الهجوم على المنتدى، وخصوصاً من المصريين الذين رأوا أن اختيار سيدة بسيطة تتكلّم إنكليزية ركيكة تشويه لصورة المجتمع المصري. وهناك من انتقد الأمر من زاوية إنسانية، مشيراً إلى أنّهم استغلّوا البحيري التي لم تغيّر حجابها الأخضر لضيق ذات اليد، وحوّلوها إلى عرض فكاهي. هذا ما جرى حين طلب منها الإعلاميون الحاضرون في المنتدى مواصلة كلامها بالإنكليزية على شاكلة «شاط آب يور ماوس أوباما».
قد تكون رسالة البحيري إلى أوباما هي نفسها التي يتمنّى أي مواطن عربي إيصالها إلى البيت الأبيض، لكن هل ستقبل «أم نسمة» ورفيقاتها أيّ تدخل أميركي محتمل في مصر لو جرى في عهد عبد الفتاح السيسي، فقط لأنها تؤيدّه؟ هل تعلم فعلاً عمق العلاقات بين الحكّام العرب والبيت الأبيض؟ الإجابة باختصار لا. الإعلام القديم ما زال ناجحاً في دفع البسطاء إلى النظر عبر زاوية واحدة فقط. أوباما كان يريد استمرار مرسي والإخوان، هذا حقيقي، لكنه لم يرفع يده عن شؤون مصر والدول العربية استجابة لرسالة البحيري. المؤكّد أن الناس سينسون البحيري سريعاً إنتظاراً لشخصية بسيطة أخرى قد توجّه رسالة إلى الر ئيس الفرنسي فرنسوا هولاند باللغة الفرنسية، أو بالروسية لفلاديمير بوتين، إذا قال الإعلام الرسمي إنّه يتدخّل في شؤون مصر.