بغداد | بعدما دخل الاعلام في العراق نفق الحملات الدعائية وضخ المال السياسي وشراء الذمم خلال الانتخابات النيابية الأخيرة (الأخبار 15/4/2014)، ها هو يتلقّى ضربة موجعة جديدة. تتمثّل الأخيرة في ايعاز رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، للجهات المعنية بمراقبة عمل الفضائيات وإغلاق تلك التي «التي تطعن في القوات المسلحة والأجهزة الأمنية»، مضيفاً أنّه يصنف ما تقوم به هذه القنوات تحت بند «الخيانة العظمى». وأثار تصريح المالكي قلق العديد من المنظمات والنقابات المعنية بالحريات الصحافية.
وصفت «جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق» القرار بالمقلق، ولم تستبعد أن تخطّط الحكومة لاطاحة الصحافة المستقلة أو المناوئة للكثير من قرارات الحكومة خلال الفترة الماضية. وقال رئيس الجمعية عدي حاتم لـ «الأخبار» إنّ «الجهات المعنية التي يقصدها رئيس الوزراء في تصريحه هي «هيئة الاعلام والاتصالات».
وتصبّ الفضائيات المعارضة لسياسات الحكومة جام غضبها على رئيس الوزراء والقادة الامنيين بسبب إطالة عمر الأزمة الامنية في الانبار، وانعكاساتها على وضع البلد على نحو عام.
في هذا الاطار، يقول حاتم: «صحيح أنّ هناك فضائيات انتقدت أداء القوات العسكرية في الأنبار، لكنها لم تدعُ الى مقاومة القوات الأمنية ولم تحرّض على قتل أفرادها. وعلى الحكومة التوجه الى من يحرّض على العنف لا من ينتقد». في غضون ذلك، ذكر رئيس «النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين» عدنان حسين في حديثه الى «الاخبار» أنّ «هيئة الاعلام والاتصالات تجاوزت الكثير من صلاحياتها، وأنّ تصريح المالكي يعزز من مساعي الهيئة للهيمنة على وسائل الاعلام المختلفة». وأضاف أنّ الحكومة العراقية تراقب، بل تشوش على بعض الفضائيات وتضيّق على بعض الصحف المعارضة أيضاً، وهناك حرب ضدها بداً من حرب الاعلانات الى التضييق على العاملين وتهديدهم، وهذا يأتي في إطار «بناء الدكتاتورية في العراق».
ولفت حسين الى أنّ الجيش مؤسسة وطنية مثل كل المؤسسات، وتوجيه النقد لم يكن إلى الجيش، بل طاول أيضاً إدارة القوات المسلحة، مشيراً الى «أنني لم أقرأ أحداً يتطاول على الجيش حتى الآن». وأشار إلى أنّ الدستور يكفل حرية المحاسبة لوسائل الاعلام. ورأى أنّ تقديم رئيس الوزراء شكوى ضد كتّاب وصحافيين قبل الانتخابات في محكمة النشر والاعلام بتهمة التطاول على موظفين حكوميين أثناء الخدمة، وبصفته الشخصية يمثل «انتماءً الى النظام السابق»، معرباً عن أسفه للانحدار الكبير في سياسة الحكومة تجاه الصحافة والاعلام.




لا مجيب في هيئة الاتصالات

حاولت «الأخبار» التواصل مراراً مع «هيئة الاعلام والاتصالات» في العراق لسماع ردّها بشأن قرار نوري المالكي، إلا أنّها لم تفلح في إقناع أعضاء الهيئة بالردّ. علماً أنّ رئيس «جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق» عدي حاتم أوضح لنا أنّ مهمة الهيئة، التي تأسست عام 2004، هي «تنظيم الترددات الهوائية، ومنح الاجازات للفضائيات وفق المعايير الادارية التي حددتها القوانين العراقية، ولا يحق لها مراقبة أي وسيلة إعلامية بأي شكل من الأشكال».