للسنة السادسة على التوالي، يعرض «مهرجان كابريوليه» مجموعة من الأفلام القصيرة المختارة من لبنان والعالم. على درج مار نقولا في الجميزة، ستجهز شاشة خاصة للعرض على مدى ثلاث ليالٍ متتالية مفتوحة للجمهور. الموضوع المشترك الذي تتناوله أفلام هذه السنة ـــ ولو من زوايا مختلفة ـــ هو العلاقات كما اختار منظمو المهرجان الذي يُعنى عامةً بحقوق الإنسان.

«رز على كوكو» (31/5 ــ س: 21:00) لعماد الأشقر (جامعة الكسليك) يتميز من بين الأفلام المشاركة بشخصية كوكو وهي امرأة استثنائية بصراحتها وطرافتها. تشاركنا أفكارها وآراءها وحتى قصصها الأكثر حميمية من دون رقابة ذاتية. الفيلم تجريبي عبارة عن مونولوج طويل لكوكو أثناء إعدادها طبخة «رز على دجاج».
يترافق ذلك مع مشاهد بصرية تتميز بجماليتها الغريبة والطريفة، كما في مشهد الدجاجة التي تجول العاصمة أو تتنزه على الشاطئ. يصورها لنا المخرج عبر مشاهد لا تخلو من التأمل والرومانسية، وينجح في تحويل الدجاجة إلى شخصية درامية معبرة. من جهة أخرى، لا تخلو اللغة البصرية للشريط من المشاهد الصادمة المنفرة للدجاج وهو يذبح، من دون أي سياق لها في الفيلم. برمزيتها المباشرة والمستهلكة، تنتقص هذه المشاهد من جمالية لغة العمل البصرية التي تبدو مبتكرة رغم كل شيء. أما ما لا ينسى فهو شخصية «كوكو» بعفويتها وصراحتها الصادمة، لكن أيضاً بمقاربتها غير التقليدية لكل أمور الحياة، كما عندما تخبرنا أنه في حال موتها، لا تريد أن ينثروا الورود على قبرها بل علب الدخان، أو عندما تصارح نفسها والمشاهد بأنها لم تمارس الجنس منذ فترة طويلة.
لا يمنع ذلك أن تلك الصراحة تصبح مثيرة للجدل في بعض اللقطات، كما عندما تتحدث عن حادثة تضخم خصيتي ابنها.

يؤدي بطولة «رائحة من
لبنان» كل من رفيق علي أحمد وريتا
حايك ونيكولا معوض

ومن الأفلام القصيرة ذات الإنتاج اللبناني الفرنسي المشترك، «رائحة من لبنان» (30/5 ـ س: 15:00) لماثيو هاغ من بطولة رفيق علي أحمد وريتا حايك ونيكولا معوض. يعرض الفيلم قصة شاب وصبية يقعان في الحب، لكن علاقتهما تنتهي لأن الشاب لا يستطيع تقبل فكرة الزواج من حبيبته لأنها ليست عذراء. تمر السنوات وهو لا يزال يحبها، إلى أن يلتقي يوماً بابنتها، ويخبرها بحكايتهما، وبالسبب الحقيقي لقطع علاقته بأمها. يتميز الفيلم بجمالية إيقاعه السردي، ولو أن الحبكة الروائية مبسطة، لكن تعود أهميته إلى موضوع العذرية الذي يتناوله مبرزاً سخافة هذا المعتقد أو هذا الحائط الوهمي الذي يفرّق بين الحبيبين.
في فيلم «ستة» (30/5 ـ س:17:00) للمخرج المصري بهاء الجمل، يتحول الاستعداد الروتيني للعشاء إلى مواجهة مصيرية بين زوجين. مسدس بطلقة واحدة، يتناوب كل منهما على تصويبه في وجه الآخر، والضغط على الزناد، بينما يعترف كل واحد بخيانته وينهار الزواج الذي بدا مثالياً في البداية. الحوار، التصوير، المونتاج، كل تلك العوامل تترابط لتضفي على الفيلم إيقاعاً متوتراً يتصاعد تدريجاً، بينما يحبس المشاهد أنفاسه منتظراً وقوع الكارثة. العامل الوحيد الذي لا يتماشى بشكل عفوي مع إيقاع الفيلم هو التمثيل الذي يبدو مفتعلاً في بعض اللقطات.
من فرنسا، يعرض «التواصل الحديث» (30/5 ـ س: 7:00) لفرانك إيزابيل أزمة التواصل في عصر التكنولوجيا عبر شخصية شاب مدمن على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يستطيع التواصل مع حبيبته التي تجلس قبالته. في إطار كوميدي ساخر، يصوّر المخرج الصراع بين العالم الافتراضي والحقيقي الذي تحول إلى مجرد خلفية للأول. الهدف من عيش الحياة الفعلية هو فقط توثيقها بالصور على الفايسبوك كي يراها الآخرون، فالشاب لا يسمع ما تقوله حبيبته أو لا ينتبه إلى أنها تبكي عندما يصوّرها. أما في الفيلم الإسباني «تحت الضغط» (30/5 ـ س:13:00)، فيصوّر المخرج دييغو فندوس كيف تتحول الهوية التي نتبناها عن أنفسنا إلى سجننا الذاتي. شاب نظامي خجول كما يظهر من ملابسه وتصرفاته، يقصد حمام السباحة. هناك يلتقي بفتاة ويعجب بها، لكنه يتردد في الحديث إليها، إلى أن يغطس إلى جانبها، ويسبحان معاً من دون حاجة إلى الكلام. من خلال اللغة السينمائية، ينجح المخرج في خلق لغة أخرى تنقل لنا التواصل الحميمي بين الاثنين الذي لا يكسر صمته سوى صوت الماء. لكن بمجرد أن يخرج الاثنان من حمام السباحة، ويلتقيا مجدداً عند المدخل بكامل ملابسهما، هو ببذلته الرسمية والصليب الذي يتوسط رقبته، وهي بثيابها السوداء الغوطية، حتى يدركا الاختلافات والرموز التي تفرقهما، فيهرولا مجدداً إلى حمام السباحة حيث يغطسان بكامل ملابسهما، ويتحرران منها ليعودا كما كانا غريبين عاريين بلا هوية ومعتقدات وأسماء تقيدهما.



«مهرجان كابريوليه»: بدءاً من 30 أيار (مايو) حتى الأول من حزيران (يونيو) ــ «درج الجميزة» ــ
http://www.cabrioletfilmfestival.com