ازدحم يوم 25 أيار (مايو) بالمناسبات والأحداث، وازدحمت معه الشاشات في المواكبة أو الإهمال وفقاً للأجندات السياسية لكل محطة: مغادرة الرئيس ميشال سليمان قصر بعبداً إيذاناً بانتهاء ولايته الدستورية، «عيد المقاومة والتحرير»، وأخيراً زيارة البابا فرنسيس الأول الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومعه وفد رافقه يضمّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. وفي الزيارة الى القدس، «ذاب» البطريرك في عباءة البابا، الذي خطف الأضواء من الأردن الى فلسطين. انقسم ذلك اليوم في الإعلام المحلي بين مهتم ومواكب، ومهمل لزيارة الراعي الى بيت لحم والمدن الأخرى.
mtv أولت اهتماماً لزيارة البابا إلى الأراضي المحتلة، وعنونته «على خطى المسيح». رافقت الراعي في جولاته، وعكس مراسلها مجدي الحلبي (21/1/2012) من هناك أجواء الفرح والبهجة احتفاء بالبطريرك الماروني. الحلبي سرد خطوات الراعي من زيارته مقر محمود عباس في بيت لحم، وصولاً الى لقائة رعيته، وأصرّ في رسالته على الهواء على التأكيد أنّ الراعي «لن يلتقي أي إسرائيلي في رحلته» الى المعبر الذي يجمع بيت لحم بالقدس.
حفلة المزايدة كانت واضحة بين قناة «المرّ» وlbci. بخلاف كل المحطات، خصّصت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» سطوراً عن زيارة البابا في مقدمة نشرتها المسائية الأحد، وحرصت على إعادة نشر ما قاله البطريرك الماروني من أنّ الزيارة ذات رسالة واضحة: «هذه الأرض لنا وهنا تاريخنا وهويتنا، ومن هذه الأرض سنحمل السلام للعالم كله». ومن يافا، أطلت مراسلتها آمال شحادة (الأخبار 25/1/2014) مواكبة للبطريرك، فوصفت الأجواء بالفرحة، وقالت إنّ المؤمنين كانوا ينتظرون الراعي لنشر رسالة السلام. ولم يبخل الراعي بدوره على المحطة. من خلالها، وجّه نداءً الى المسيحيين بالتمسك بالأرض، ولمح الى الانتقادات التي طاولته في لبنان قبل مجيئه الى فلسطين، فوصفها «بالصعوبات والمفاهيم الخارجة عن تفكيرنا». وفي نهاية التقرير، علت نبرة شحادة وسط أجواء الحماسة لتقول: «المؤمنون يستمدون الإرادة القوية من الراعي من دون أن يفقدوا الأمل بالسلام»، الذي مثّل غيابه «سبباً لمعاناتهم». الضخّ الإعلامي لتكريس فكرة ترافق «السلام» مع زيارة البطريرك الراعي حجبته صورة أظهرته وسط الجموع في القدس القديمة. مصدر الجدل كان ظهور شرطي يضع نجمة داوود، لكن تبين لاحقاً أنّه عربي يخدم شرطة الاحتلال. صورة تلقفها «الجديد» وعنون تقريره على أساسها: «البابا عند حائط المبكى... والراعي محروساً في يافا».



تجاهل على «المنار»

تطرّقت «المنار» إلى زيارة البابا الأراضي المحتلة يوم الأحد الماضي في نهاية نشرتها قبل نشرة الأحوال الجوية. عرضت تقريراً لمراسلها من الأراضي المحتلة ديب حوراني، حيث تحدث عن زيارة البابا التي «اتخذت منحى سياسياً أكثر منه دينيا»، والدليل قطع ما كان مقرراً في زيارته، وتوجّهه الى جدار الفصل العنصري، وقراءته لما خطّه الفلسطينيون عليه من معاناة جراء الاحتلال. وكان التركيز على أهمية خطوة البابا في السفر بطوافة أردنية الى بيت لحم كدلالة «على اعترافه بالدولة الفلسطينية». وفي خضم هذا السرد، غاب على نحو تام أي ذكر لزيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى هناك.