لم تغب التجارب السينمائية السورية الشابة عن يوتيوب طوال الأعوام الفائتة. آثار الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات وتوافر الكاميرات الصغيرة وانتشار الإنترنت، كلّها عوامل حرّضت كثيراً من الشباب على التعبير عن أنفسهم وتقديم ما لديهم سينمائياً. هكذا، تحوّل موقع تحميل وتبادل مقاطع الفيديو الشهير إلى منصّة لعرض شتى الإنتاجات والتجارب.
ضمن هذا السياق، يأتي «مشروع سينما درويشة» الذي انطلق العام الفائت، وقدّم حتى الآن فيلمين قصيرين (متوافران على موقعنا) هما «حب على عجل» لقتيبة الخوص (2013 ــ 8 دقائق)، وReview لعمّار عبيد (2014 ــ 3 دقائق)، ويستعد لطرح الفيلم الثالث بعنوان «عنهم» لقتيبة الخوص أيضاً. الكلمة العاميّة «درويشة»، تحيل مباشرةً إلى إمكانات متواضعة وإنتاج فقير يتحرّك ضمن الممكن والمتاح. في حديثه لـ«الأخبار»، يقول الخوص: «نحن شباب محبّ للسينما، قرّرنا أن نستثمر بعضنا لنعبّر عن أنفسنا في ظل واقع من التهميش وقلّة الفرص. ربّما تكون إمكاناتنا متواضعة ولكن أفكارنا ليست كذلك». هكذا، يفتتح الخوص فيلمه «حب على عجل» بالتنويه إلى أنّ «رداءة الصوت، وشذوذ الألوان، وتفاوت الدقة، وانخفاضها مشاكل تقنيّة مقصودة ومبالغ بسوئها عمداً». وقد أكد لنا أنّ «السينما فن قبل أن تكون تقنيّات مكلفة، لذلك حوّلنا نقطة ضعفنا إلى سلاح فني للاشتغال على حالات إنسانيّة وإيصالها من خلال الأداء والصوت والانفعالات».

أفلام يعكس بعضها تبعات الأزمة السورية على يوميات الشباب


في هذا الشريط، يجري إيهام ممثّلات (جفرا يونس وفرح الدبيات وتوليب حمودة ورنيم بكداش) بأنهنّ جالسات أمام الكاميرا مع قفص يضمّ حمامة من أجل فيلم وثائقي، قبل أن يعترف لهنّ الشبّان المشاركون (كفاح الخوص وعلي ياغي وعمر دياب وقتيبة الخوص) بالحب بشكل مباشر وواضح. اعتراف صادم لا يحتمل المواربة أو التأجيل لأنّ الموت قريب ومحتمل، والنزوح أو الهجرة كذلك. خدعة سينمائية فيها شيء من «شيرين» (2008) لعباس كياروستامي الذي رصد انفعالات جمهور من الممثلات على مسرحية شهيرة تُعرَض أمامهن طوال ساعة ونصف.
في Review، نرى شاباً (نادر عبد الحي) يستحضر صديقه الراحل (مجد السعدي) عند سيّارته المحترقة. الواضح من الحالة والمكان أنّ الحرب سبب المأساة من دون الدخول في المتاهات السياسيّة، وهو توجّه «مشروع سينما درويشة». مشروع أوضح قتيبة الخوص أنّه «مستمر من دون تعقيد أو خطط كبيرة. ما نطلبه هو الدعم المعنوي أكثر من المادي».
تجربة هؤلاء الفنانين، تطرح أسئلة عن معاناة صنّاع الأفلام القصيرة في سوريا. يشكو معظم العاملين في هذا المجال من ضعف الإمكانات وقلّة فرص التمويل وغياب تعليم أكاديمي للسينما حتى الآن. علماً بأنّ هناك كليّة خاصّة يتوقّع افتتاحها قريباً. وبين العوائق، هناك صعوبة الحصول على إذن تصوير من الجهات الرسمية والأمنية.