لا تنفك روح محمود درويش تعود إلينا. الشاعر والشخصية الوطنية الفلسطينية (1941 ــ 2008) كان أخيراً مادة لفيلم وثائقي «سجّل، أنا عربي» (2014ــــ 73 دقيقة) الذي حمل عنوان إحدى قصائده الشهيرة التي كتبها عام 1964. الفيلم الذي انطلقت عروضه أخيراً من مهرجان «دوكوأفيف» (Docoaviv) الإسرائيلي للأفلام الوثائقية، تقف وراءه صناديق تمويل إسرائيلية عدة أبرزها شبكة Yes التلفزيونية، وThe New Fund for Cinema and TV، و«ابتسام فيلمز» التي تديرها مخرجة الفيلم ابتسام مراعنة منوحين. «سجّل، أنا عربي» الذي فاز بجائزة الجمهور في المهرجان، يرصد علاقتيّ حب لدرويش: الأُولى، جمعته بالإسرائيلية تمار بن عامي، عبر صور ورسائل تبادلها العشيقان، قبل خروجه من فلسطين المحتلة إلى موسكو عام 1970.
والثانية، تلك التي جمعته بزوجته الأولى السورية رنا قباني.
يظهر درويش في الشريط الترويجي للفيلم (2:28 دقيقة) متحدثاً بالعبرية: «ريتا هو اسم اخترته. ولطالما كانت ريتا في قصائدي امرأة يهودية». وفي خلفية الـ«تريلر»، تظهر مشاهد لتامار بن عامي التي عملت راقصة لسنوات، وتقيم اليوم في برلين، وقد بدأت علاقتها بمحمود درويش في جوقة الشبيبة التابعة لـ«الحزب الشيوعي الإسرائيلي».
هذا المقطع الملتبس خلق تساؤلات عما إذا كانت الراقصة هي «ريتا» التي ترد في قصائد درويش. كما ارتسمت علامات استفهام حول الخطاب السياسي والثقافي وراء كشف بن عامي هذه الرسائل والصور التي جمعتها بصاحب «درس من كاما سوطرا». ولماذا تنطلق عروض فيلم عن محمود درويش من منصة إسرائيلية في مستوطنة تل أبيب؟
بعض هذه التساؤلات وردت في مقالة «فضيحتهم لا فضيحة محمود درويش!» للشاعرة الكويتية المعروفة سعدية مفرح التي نشرت في صحيفة «القبس» في 25 أيّار (مايو) الحالي. وورد في المقالة أنّ الفيلم «يقدّم نفسه بطريقة فضائحية حتى قبل أن يتوفر عرضه للجمهور (العربي)، ليجعل من تلك العلاقة العاطفية، التي عاشها الفتى العشريني محمود درويش مع فتاة يهودية من أب بولندي في الـ16 من عمرها، كأنها فضيحة مدويّة». وتضيف مفرح أنّ «الفيلم ــ مثل أي فيلم في العالم ــ يبدو رؤية خاصة بالمخرجة التي تعمل في إطار إسرائيلي بحت، حتى أنّ كل أفلامها التي قدّمتها حتى الآن كانت بإنتاج وتمويل إسرائيليين». تتساءل سعدية مفرح من دون اتهام، وترى أنّ قصّة «سجّل أنا عربي» لا تتصادم «مع ما قاله درويش نفسه أكثر من مرّة عن علاقاته العاطفية مع فتيات إسرائيليات في شبابه. وبالتالي، فإنّ معلومات الشريط التي قُدّمت لنا وكأنّها خبر فضائحي، إنّما هي معلومات قديمة».
كلمات سعدية مفرح هذه، أثارت شطط المخرجة ابتسام مراعنة منوحين التي كتبت تعليقاً طويلاً على صفحتها الفايسبوكية، استنكرت فيه «حشر المقالات الصحافية لفيلمها في قصّة درويش ــ ريتا». علماً بأنّ هذا الأمر خلقه توافق مفردة الحوار مع الجملة البصرية في «تريلر» الفيلم. وردّت مراعنة منوحين على مفرح بلغة سوقية، قائلة: «فضيحة؟ عن أي فضيحة تتحدثين يا شاعرة؟ هل ما زلتم تعيشون فترة الجاهلية؟»، قبل أن تؤكد أنّها ستبقى تتموّل من صناديق إسرائيلية «مثل هاني أبو أسعد في فيلم «الجنة الآن»، ومثل الفيلم الكبير «خمس كاميرات محطمة» للمخرج الفلسطيني عماد برناط». هنا، مزجت المخرجة تساؤلها بشيء من «الفلسفة»، فقالت: «تجنيد أموال إسرائيلية، 20% منها فلسطينية عربية، يعني أنّ الفيلم صهيوني؟ ولو قمت بتجنيد أموال أميركية، هل هذا يعني أن فيلمي «طاهر» وفلسطيني بعيونكم؟». تعليق مراعنة منوحين باللغة العربية هذا هو استثناء على صفحتها على فايسبوك، إذ سيجد زائرها تعليقات باللغة العبرية، وتواصلاً مع جمهورها الإسرائيلي الذي تحرص على تزويده بأحدث الأخبار عن فيلمها «سجّل، أنا عربي». بعدها، اختتمت مراعنة منوحين تعليقها العربي «اليتيم» هذا بما يُلائم راهنها الثقافي والسياسي الرديء: «أنا ابتسام مراعنة، متزوجة لبوعز منوحين، يهودي وإسرائيلي الجنسية. وأسكن في أرضي وبلدي في مدينة تل أبيب – يافا. وأعمل مخرجة سينمائية منذ 10 سنوات، وأُوثق تاريخ شعبي الفلسطيني. وسأُكمل في تجنيد الأموال الإسرائيلية، لأنّها أموالي وأموال أهلي وشعبي»، لتنهي بالقول: «اللي مش عاجبو يرقّص حواجبو».
3 تعليق
التعليقات
-
لقد قمت بمشاهدة الفيلم منذ قليل وهذا ما قلته :شفت فيلم ابتسام مراعنة (الإسرائيلي) "سجل أنا عربي" عن محمود درويش : الفيلم ايلي بظهر من الاول من المونتاج، والميزانسين (الفيلم وثائقي من دون شك) والجو كفيلم صهيوني، كثير بذكر بجو ودرجة حرارة افلام ايلي بتتعلق يا بأبطال "الوطن الإسرائيلي" ايلي بنوا "البلاد" ايلي بتنبث عادة على قناة اسرائيل الاولى (وما ادراك ما قناة اسرائيل الاولى)، حتى من ناحية الموسيقى شوي الفيلم موجود في هذا المحل. الفيلم ٩٠٪ (وكيف لا) مبني من مشاهد ارشيف وصور معمول عليها انميشين، وباقي ال١٠٪ ما يسمى في اللغة السينما (ويمكن التلفزيون) رووس يتحكي (جمع راس بحكي)، يعني ايلي بدور ع لغة سينمائية عند السيدة ابتسام مراعنة لازم يتنحى سينمائيا. بالنسبة "لقصة" محمود درويش ايلي بتبداء من علاقته في "ريتا" او تمار وكيف بنفصلوا بعد ما تمار تروح عالجيش، وبكمل بحس "نسوان محمود درويش"، الوعي الشعري-سينمائي لاحقا الفيلم/محمود درويش/المؤسسة الصهيونية باسم الصحافة بتناقش من مبدأ شعبين، مصير في ارض وحدة في روايات متضادات. مش من هواة محمود درويش أنا، مش من "المعجبين في" ومبدائيا ضد فكرة الهوية مهما كانت، بس بالفيلم في محل معين بحاولوا (الفيلم، ابتسام وجماعتها) انو يبحثوا عن شعرة محمود درويش الإسرائيلية المفقودة مع استعمال مشاهد بذكى شوي، بخبث شوي مع صفر حس فلسطيني، وكيف لا ؟ ما الفيلم ببدا في جو افلام "أبطالنا الصهيونية" ايلي عمروا هاي "الارض".
-
ضجة بلا مبررحالياً، وبعد مرور حوالي السبعة عقود على ضياع فلسطين، ليس لهذه الضجة التي تثار حول هذا الفيلم أي مبرر، فهو أفضل بكثير وأكثر واقعية من المسلسل العربي الذي أرخ لحياة محمود درويش مركزاً فقط على مغامراته النسائية. اليوم ندرك - على الأقل أنا شخصياً- بأن حل القضية الفلسطينية سيكون مع الإسرائيليين وليس بأي فعل عربي، فالعرب يبدو أنهم قد خرجوا من الزمان والمكان، والمذابح التي تعرض لها الفلسطينيون في الشتات على يد القوات العربية ينبغي أن تكون درساً لهم أنهم لا قيمة لهم عند العرب أكثر من قيمة طبقة المنبوذين في الهند، والروهينغا في تايلاند.
-
غالي تساهالزرت صفحة المخرجة الإسرائيلية إبتسام مراعنة منوحين على الفايسبوك، فوجدت لها عشرات الصور التي تجمعها بإسرائيليين في مهرجانات وأُمسيات عديدة في تل أبيب ومستوطنات إسرائيلية أُخرى. آخر هذه الصور التي وضعتها كانت صورتها وهي جالسة في إستديو إذاعة جيش الأحتلال الإسرائيلي "غالي تساهال" للحديث عن فيلمها (سجّل انا عربي)، مع تعليق تفخر به بضيافة غالي تساهال لها أو "الأثير الإذاعة العسكرية" كما تذكر في تعليقها العبري