يحار المرء من أين يبدأ للتحدّث عن تلك «الأنهار» الهادرة من العنصرية التي سمعناها وشاهدناها أمس على الشاشات والمنابر. أنهار قد تشبه تلك التي زحفت تجاه السفارة السورية في اليرزة لانتخاب رئيس لبلادها، في الفترة التي حددتها الدولة السورية للمقترعين في الخارج. زحف بشري هائل أظهرته كاميرات التلفزة وهواتف الناشطين. حشود لم يتوقع أحد أنّها ستأتي بهذه الكثافة للاقتراع منذ السادسة صباحاً، ما تسبّب بزحمة سير خانقة. لكن هل يستدعي هذا الموقف كل هذه العنصرية والتحريض وحتى التحقير بالجالية السورية في لبنان؟
إعلامياً، تصدرت mtv المشهد القاتم، فأوردت على موقعها الإلكتروني خبر الاقتراع مع عنوان: «مناصرو الأسد يأسرون آلاف اللبنانيين في سياراتهم». وقالت: «من يرمي نظرة على المشهد في لبنان (..) قد تختلط عليه الأمور، فقد يظن نفسه تائهاً في بلاد الشام وسط آلاف اللوحات اللبنانية الدخيلة المصطفة على طول الطرقات من جونية وصولاً الى اليرزة». لاحقاً، بدأت التغطيات الحيّة من السفارة السورية ونقل الأجواء وأخذ تصريحات المقترعين. لكن الصوت الذي طغى فيها هو النداءات المتكررة لمواطنين عالقين على الطرقات.
قد يكون هذا طبيعياً في نقل صوت المواطن والأزمة الحاصلة، لكن هل كان مبرّراً ما دار في جوقة «نهاركم سعيد» على lbci صباحاً، تعليقاً على رسالة يزبك وهبة من السفارة السورية واستمزاجه للناخبين؟ جوقة امتدت لدقائق بين مقدمة البرنامج ندى أندراوس وضيفها السياسي أسعد حيدر. للمرة الأولى، خرجت أندراوس عن رصانتها المهنية وراحت تزايد على الضيف في عنصريته. فور انتهاء رسالة وهبة، قالت (مع ضحكة): «دايماً اللبناني بدو يدفع الثمن، سبحان الله بكل شي إلو علاقة بالسوريين إن كان بالانتخابات أو بالسلم أو بالحرب». بعدها، بدأت معزوفة: «لماذا يبقى الموالون والمتحمسون للأسد في لبنان، فليذهبوا الى المناطق الآمنة في سوريا».

حملة ضد الجالية السورية بسبب الزحمة التي سبّبها الاقتراع

كذلك، ضخت وسائل التواصل الاجتماعي عنصرية مشابهة من «نكات» ومواقف؛ أبرزها ما كتبته الإعلامية مي شدياق على حسابها الفايسبوكي: «بنيسان 2005، أخرجنا 35 ألف جندي سوري غاصب من لبنان، من الباب (..) أصبحنا بحاجة الى 1559 جديد لتحرير لبنان من هؤلاء الذين لا يُمكن أن ينطبق عليهم تسمية لا نازحين ولا لاجئين. ما داموا يريدون أنْ يفدوا بشار الأسد بالروح والدم، فليعودوا الى سوريا ويقوموا بالواجب ويريحوا لبنان من هذا الاكتظاظ الديموغرافي الذي يكبت على أنفاسه!». على غرار شدياق، لكن بنبرة أكثر ابتذالاً، كتبت فيرا أبو منصف في موقع «القوات اللبنانية»: «ينتخبون ويتحدون اللبنانيين في عقر دارهم». واستشهدت بـ شخصية «أبو ملحم» الذي قال إنّ «على الغريب إنو يكون أديب». أسقطت أبو منصف هذا القول على السوريين وعلى انتخاباتهم التي وصفتها بـ«انتخابات الدماء والإرهاب والقتل». هكذا، تحوّل كل السوريين على أرض لبنان إلى «شبيحة» في نظر بعض الإعلام و«مناضلي النت»، ووجدت العنصرية فرصة لتأخذ مجدها من جديد!

http://www.lebanese-forces.com/2014/05/28/syrian-refugees-in-lebanon-security/

http://mtv.com.lb/News/341430