كأي متسلق جبال يغريه العلوّ، وظّف هذا الاهتمام ليرينا ما لا يمكن رؤيته من الأرض. تضعنا عروضه أمام تواصل مباشر خارج الفضاءات المغلقة. «أمواج جاذبة» الذي تقدمه ثلاث راقصات مساء اليوم، يسعى إلى استكشاف حجم المساحة في الفضاء العام. سنشاهد عرضاً حياً متعدّد الوسائط، يجمع الرقص الجوي العمودي على الجدار والفيديو، والصوت والنحت، ولعبة الضوء والظل. هكذا يظهر مشهد ثلاثي الأبعاد تمتزج فيه الإيقاعات الموسيقية مع حركات الراقصين التي نراها عبر أجسادهم الحقيقية وظلالها. يكشف هذا عن تجربة جديدة ونظرة غير معتادة إلى الموقع والمساحة والجاذبية من خلال تقريب الفضاء الخارجي إلى أعين المشاهدين.
من فرنسا إلى بريطانيا، يحلّ السيرك المعاصر على بيروت مع Smashed لفرقة Gandini Juggling، الذي نشاهده عند التاسعة من مساء الغد في «دوار الشمس» (الطيونة _ بيروت). تأسست الفرقة البريطانية للألعاب البهلوانية عام 1992، قبل أن تشق طريقها إلى عالم السيرك المعاصر مع مديرها شون غانديني، وتقدّم أكثر من 4,500 عرض في 40 دولة. البهلوانيات وألعاب الخفة والرقص المعاصر والحركات الرياضية كلها عناصر تدخل في عملها الجديد Smashed الذي قدّمته أكثر من 200 مرة حول العالم. سيتقاذف المؤدون التسعة التفاح ويلتقطونه على مدى ساعة على الخشبة. لكن موسيقى باخ وفنون الحركة والسيرك والرقص المعاصر والفنون الإيمائية ستكسر هذه الصورة الظاهرية المتمثّلة في القذف البهلواني للتفاحات. طوال العرض، تتوالى المشاهد المدهشة عبر طابع سينمائي نوستالجي وتخبر قصص المؤدين: الحب والحزن والعلاقات والخسارات.
اكتفى المنظّمون بحجز ليلة يتيمة للموسيقى بعنوان «ملح ودمّ»
لسوريا ولصحافة الحرب حصة في الدورة. يدعونا المهرجان إلى حلقة حوار «أصوات الرهائن» مع الصحافيين الإيطالية سوزان دبوس والسويدي ماغنوس فولكد، اللذين مرّا في تجربة الخطف خلال الحرب السورية. الجلسة التي تعقد عند الساعة السادسة من مساء 5 حزيران (يونيو) في مركز «دواوين» (الجميزة)، تهدف إلى تذكّر الصحافيين الذين راحوا ضحية الأزمة السورية، وتوجيه تحيّة لهم.
«آباؤنا» (6/6) لفرقة «باباكاس» الآتية من بريطانيا هي الممثّل الوحيد لأبي الفنون في هذه الدورة بعدما كانت برمجة الدورة الماضية حافلة بالعروض المسرحية لوجدي معوّض. تأسست «باباكاس» عام 2010 في برمنغهام في بريطانيا، على يد 6 شبان وشابات من فرنسا وانكلترا واليونان وإسبانيا وأميركا وبلجيكا. يغني هذا التنوّع رؤى الفرقة التي تسعى إلى تقريب اللغات والثقافات، تماماً كما تسعى إلى تقريب التجريب من التسلية. في عرضها التجريبي، تأخذنا الفرقة في رحلة إلى الأبوة والطفولة بين الماضي الحاضر، مستخدمة الفيديو والرقص والكوميديا والموسيقى. على المسرح، يحاول الممثلون الثلاثة صوفيا ومايك وبيرت فهم آبائهم من خلال تجاربهم وعلاقاتهم الشخصية معهم. وفيما يؤمّنون مساحة تفاعلية مع الجمهور، تضيع هذه التجارب الشخصية بين الواقع والخيال.
خلافاً للدورات السابقة، اكتفى منظّمو المهرجان بحجز ليلة يتيمة للموسيقى بعنوان «ملح ودمّ»، علماً أنها مخصّصة للراب أولاً، وما هو أساسي في الراب ليس الموسيقى. هذا النمط يُقاس أولاً بقيمة الكلمة، والمادة الصوتية التي ترافقها مسجّلة مسبقاً أصلاً (والاستثناءات نادرة جداً). عرّاب الأمسية هو ناصر دين الطفّار أي أحد الثنائي الذي صنع إحدى أهم التجارب اللبنانية في مجالها، لناحية النص الجميل، الصادق، الجريء الذي يعكس حرفياً أحوال بيئة كاتبه (وهذا نادر في الراب المحلي). هذا الثنائي كان اسمه «طفّار» (ألبوم «صْحاب الأرض»)، وكان يضمّ إلى جانب ناصر دين زميله جعفر. مع الأسف، انفصل الشابان الآتيان من بعلبك/ الهرمل بسبب ما يحصل في سوريا. ناصر دين يشارك اليوم في «مهرجان ربيع بيروت» وهذا يفسِّر كل الحكاية. إلى الرابر البعلبكي، ينضم من سوريا «السيِّد درويش» و«سايْكَليبّو» (مشروع موسيقى إلكترونية من حلب) ليختتموا فعاليات المهرجان عند التاسعة من مساء السبت 7 حزيران في «حديقة سمير قصير».
«مهرجان ربيع بيروت»: من 3 حتى 7 حزيران (يونيو) ـــ «بابل»، «دوار الشمس»، «دواوين»، «أسواق بيروت» و«حديقة سمير قصير». للاستعلام: 01/397331