موجة كسل واستغباء القارئ تمارسها بعض الصحف في استسهالها السرقة الموصوفة لمقالات «الأخبار». هو ليس اقتباساً أو مجرّد توارد أفكار كما قد يتحجّج هؤلاء، بل سرقة لمقاطع كاملة مع فواصلها ونقاطها. ولم يتكبّد القائمون على هذه الصحف والمواقع الإلكترونية عناء تمويه ما اقترفوه بحق المهنة، غير آبهين بسمعتهم المهنية. بعد سرقة «النهار» لمقال الزميلة هيام قصيفي (الأخبار 13/12/2013) ونسخ «البلد» مقالين اثنين للزميل حسين مهدي عن «الجامعة الأميركية في بيروت» (الأخبار 1/3/2014). جاء دور «الأنباء». وللمناسبة، ليست هذه المرة الأولى التي ترتكب فيها الصحيفة الكويتية سرقة مقالات ومقاطع من «الأخبار».
أسبوع واحد شهد سرقة مقاطع كاملة من مقالين: الأول للزميل جان عزيز بعنوان «سيناريو المؤامرة -2: الحريري وحزب الله ضد عون» الذي نشر يوم الخميس الماضي، والثاني لآمال خليل بعنوان «هل يقاطع حزب الله بكركي؟» نُشر يوم الجمعة الماضي. كان عزيز قد كتب على مدى يومين متتاليين (28 و29 أيار/مايو) «سيناريو المؤامرة» الذي امتد على جزءين، فاختارت «الأنباء» الجزء الثاني، واقتطعت منه مقطعاً كاملاً ونسبت مصدره إلى من أسمتهم «مصادر سياسية من 14 آذار». القارئ لهذين المقالين يعلم جيداً أن عزيز نقل محتواهما عن «سياسي عائد من سلسلة لقاءات لبنانية وعربية وأوروبية». المقطع المسروق يتحدّث عن عدم رغبة «حزب الله» بعون رئيساً مرفقاً بمسوغات عدة منقولة عن هذا المصدر السياسي. «الأنباء» نسخت حرفياً هذا المقطع الذي أوردته في سياق قسم الأخبار اللبنانية وعنونته بـ«14 آذار وعون وحزب الله».
الصحيفة الكويتية المعروفة بسيناريواتها الهوليوودية خصوصاً في ما يتعلّق بـ«حزب الله»، لم تشأ هذه المرة ابتكار سيناريو جديد تتحفنا به. فضّلت سياسة الكسل والنسخ الحرفي على إعمال المخيّلة. أما مقال آمال الخليل المنشور في 30 أيار (مايو) الماضي، فتناول العلاقة المستقبلية بين البطريرك الماروني بشارة الراعي و«حزب الله». تنقل خليل عن مصادر مقرّبة من الحزب إمكانية مقاطعته بشكل كامل لبكركي على خلفية تصريحات الراعي الأخيرة من فلسطين المحتلة. هذا المقال اجتزأت منه «الأنباء» مقطعاً بحرفيته ونشرته في اليوم التالي أيّ نهار السبت الماضي، مع عنوان: «هل يردّ حزب الله على زيارة الراعي إلى إسرائيل وكيف؟». وزادت عليه بعض النقاط الإضافية ربما لتفادي فضيحة السرقة وتعزيز «التمويه»، من يدري؟.
هكذا من خلال هذا الاستعراض، يتبيّن أن «الأنباء» تخال نفسها تعيش في جزيرة منعزلة تسرق المقالات وتنسبها إلى من تشاء من دون حسيب أو رقيب، غير آبهة بسمعتها المهنية. مقالان في غضون أسبوع واحد جرى تسجيلهما في خانة السرقة وسياسة «الكز» الحرفي. هذا إن دلّ على شيء، فعلى مدى الإفلاس واتباع سياسة الكسل اللذين تتبعهما «الأنباء».