لم تستفد المخرجة السورية البحرينية إيفا داود (1975) كثيراً من شهادة الدكتوراه التي نالتها في الاقتصاد. سرعان ما توجهت إلى الولايات المتحدة لتحصيل إجازة في الإخراج السينمائي من «أكاديمية نيويورك للأفلام». بعدها، بدأت مشوارها وأنجزت خمسة أفلام قصيرة هي: «السندريلا الجديدة» و«في غيابات من أحب» و«عفريت النبع» و«لو كنت معي».
وأخيراً أنجزت شريط «ربيع مر من هنا» (كتابة وبطولة الممثل السوري عدنان أبو الشامات) الذي شارك في مهرجانات عدة منها «بالم بيتش» في فلوريدا، وأخيراً «مهرجان الفيلم العربي القصير» في «مسرح المدينة» في بيروت. كذلك، فاز هذا الفيلم القصير (7 دقائق) بجوائز من أربعة مهرجانات سينمائية معظمها في الولايات المتحدة.
في صلب الحكاية، لا تنحاز داود لطرف من الأطراف المتصارعة في سوريا، ولا تكترث بالمعطيات أو الأسباب التي أودت ببلادها إلى هذا الجحيم الذي تعيشه منذ ثلاث سنوات، بقدر انحيازها إلى الجانب الإنساني الذي ركزت عليه عموماً في غالبية أعمالها. كل ما تفعله في «ربيع مر من هنا» هو التركيز في سبع دقائق صامتة ومكثفة على اختزال الجرح السوري في معاناة بطل الفيلم الذي يستيقظ على رنة المنبه. كأن هذا الأخير هو الربيع المنتظر وكأن الأنظمة التي كان من المفترض أن تعرف كيف تواجهه، هي نائمة. يفتح عينه لينظر في المرآة فيرى وجهاً هرماً بقسوة صادمة تذهله في دلالة واضحة على ما صنعته السنون بأرواح السوريين. يصنع قهوته ثم يطل من النافذة، فيرى أعتى درجات الدمار في حمص القديمة، ويلمح دمية مرمية على الأرض بجانب مخطوطة لعب رسمت بالطبشور الأسود، ويستمع لأغنية الأطفال السورية الشهيرة «بدي صديقتي». ثم يفتح الراديو فيسمع تتمة أغنية الأطفال التي سمع لتوه بدايتها. في هذه الأثناء، يلتقط الزجاج المحيط به صوراً لوجوه هرمة من جديد.

إبراز العطب
الذي أصاب الطبقة الوسطى جراء
الأزمة

ثم ينهمك في بكاء مرير لينتهي الشريط الذي تقول مخرجته في حديثها مع «الأخبار»: «حاولت الانحياز نحو السواد الأعظم من السوريين وهم أبناء الطبقة الوسطى. إن تمكنت هذه الأخيرة من حماية شيء من موجوداتها الثابتة، فقد فشلت كلياً في حماية أرواحها من العطب والفقد المستمر والدمار الوجداني قبل المادي». تشرح داود وتضيف: «إن كان هناك من استطاع المحافظة على مظهره، فقد عجز عن حماية داخله المكسور». من جانب آخر، تلفت داود إلى أنّها أنهت أخيراً تصوير فيلم بعنوان «سارق النور» (30 دقيقة) صوّرت كل مشاهده في إسبانيا وجسد بطولته ممثلون إسبان، وتستعد للبدء بعملياته الفنية ليكون جاهزاً للعرض بعد حوالى شهرين.