سبب كل ذلك أنّ الحكومة العراقية قرّرت إيقاف الإنترنت بشكل كامل في محافظات الموصل، وكركوك، وديالى، وصلاح الدين، والأنبار، فضلاً عن مناطق حزام بغداد (أبو غريب، الرضوانية، المحمودية، اللطيفية، جرف الصخر، التاجي، اليوسفية والمسيب)، إضافة إلى حيّ العدل والغزالية (غرب بغداد) ذات التوتر الأمني المستمر. وبحسب بيان (كتاب) صدر عن وزارة الاتصالات العراقية، حصلت «الأخبار» على نسخة منه، فقد تقرّر إيقاف مواقع وتطبيقات «واتس آب»، و«أنستغرام»، و«تانغو»، و«فايبر»، وتويتر، وفايسبوك، ويوتيوب، و«كيك»، فضلاً عن المواقع «الإباحية». وتوعّدت الحكومة الشركات المجهّزة للإنترنت وجميع أبراج اللاسلكي بعقوبات بناءً على التبعات القانونية والأمنية التي تتحمّلها الشركات. وهدّد كتاب وزارة الاتصالات «الشركات غير الملتزمة بهذا القرار بأنها تهدّد أمن البلد». كما يتعرّض صاحب الشركة وموظفوها للمساءلة القانونية، بناءً على قانون «السلامة الوطنية»، بعدما أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي العمل به عقب الأحداث الأمنية التي يشهدها العراق. يُشبه قانون «السلامة الوطنية» قانون الطوارئ الذي يمنح رئيس الوزراء صلاحيات إيقاف شبكات الإنترنت، والهاتف الخلوي، وكل أشكال الاتصالات، وكذلك مراقبة الرسائل البريدية والبرقية، ووسائل الاتصال السلكية واللاسلكية والإلكترونية وتفتيشها وضبطها. وقرّرت وزارة الاتصالات إيقاف خدمة VPN (الشبكات الافتراضية) من الساعة (16:00) عصراً لغاية الساعة (7:00) صباح كل يوم، بعدما تمكّن العراقيون من كسر حظر مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق تلك الخدمة. كما أوقفت الوزارة كل أسواق البرامج والتطبيقات كالـApp store وMarket، بعدما وجد العراقيون برامج جديدة للاتصالات تشبه إلى حدّ كبير البرامج الشائعة عالمياً التي حجبتها الحكومة أخيراً. وعزت الوزارة هذا الإجراء إلى توجيهات «مستشارية الأمن الوطني العراقية»، بناء على «الوضع الأمني الراهن والظرف الاستثنائي الذي يمرّ به البلد». وفي هذا الإطار، لفت مصدر في «مستشارية الأمن الوطني» لـ«الأخبار» إلى أن «الإجراء جاء بعد التعرّف إلى منافذ وشِفرات يستخدمها المسلّحون في ما بينهم عن طريق تطبيقات الاتصالات ومواقع التواصل، هروباً من مراقبة الحكومة لبعض مكالماتهم عبر شبكات الهاتف النقّال والأرضي». وأضاف المصدر إنّ المعلومات تشير إلى «استغلال التنظيمات الإرهابية للإنترنت، ومواقع التواصل، واليوتيوب، لإمرار رسائلها إلى تنظيمات أخرى». وأشار المصدر إلى أنّ «الإغلاق يمكّن الأجهزة الأمنية والاستخبارية من تتبّع خيوط تلك الشبكات الإرهابية»، مبيّناً أنّ «معركة الإعلام التي تقودها بعض الأطراف تستغلّ الإنترنت لأغراضها وسمومها».

إيقاف الـ«واتس أب»، و«أنستغرام»، و«فايبر»، وتويتر وفايسبوك

وكانت «هيئة الإعلام والاتصالات» قد أوعزت لجميع شركات الهاتف الخلوي بإيقاف خدمة الإنترنت لمستخدميها، «ابتداءً من الأربعاء الماضي وحتى إشعار آخر». وشهدت بغداد بكل مفاصلها الحكومية، وشركات القطاع الخاص، والمستخدمين العاديين للإنترنت، صعوبة في التعاملات المرتبطة بالخدمة، نتيجة قطوعات تسبّبت بها وزارة الاتصالات. وفقد البغداديون يومي الخميس والجمعة الماضيين وظهر أول من أمس خدمة الإنترنت بشكل شبه تام، حتى في المناطق التي لم يذكرها كتاب وزارة الاتصالات، كما حصل في الكاظمية والكرادة التجاريتين. ولم يبق للعراقيين سوى الاتصالات الهاتفية عبر شبكات الهاتف النقّال التي تعاني تذبذباً كبيراً، وتقطّعاً في العديد من المناطق الساخنة أمنياً. بعض الصحافيين والإعلاميين طالبوا وزارة الاتصالات باستثناءات لمواجهة ماكينات المسلحين الإعلامية، والتواصل مع العالم الخارجي لنقل الوقائع، وتبديد الشائعات والمعلومات المغلوطة أو الصور المفبركة التي تمرّر بسهولة في الإعلام العربي. ومن المقرر أن تدرس وزارة الاتصالات الطلب لإيجاد آلية تحمي ما تبقّى من منفَذ أخير للمواجهة الإعلامية.

■ للاطلاع على الوثائق انقر هنا