لم يتعلّق ميّار النوري (1992) بالتلفزيون كثيراً رغم نجومية والده التي فتحت أمامه الطرق في سنّ مبكّرة. فضّل بناء شخصية مستقلة ومساراً خاصاً به. درس الغرافيك في لندن، ثمّ طار إلى فلوريدا لدراسة السينما في جامعة «فول سايل» المرموقة، محققاً عدداً من الأفلام الدراسية التي كان آخرها مشروع تخرّجه «التقاء العقول» (2013). هنا نتلمّس عقلية طازجة متخمة بالحداثة والتقنيات والتفكير العلمي. زوايا مدروسة وتقطيع رشيق وإضاءة دراميّة تتجاوز الدور الوظيفي. تيمات تقارب اختلاف الثقافات والأصول والأعراق، لتدعو إلى الحوار ونبذ العنف والبحث عن الإنسان وسط الصراع والعنف.
بعد العودة إلى دمشق، شرع المخرج الشاب في التحضير لفيلمه الأوّل محلياً بعنوان «طابة أمل». الشريط القصير الذي تنتجه «المؤسسة العامة للسينما» يدور في الفلك نفسه، ملامساً الحالة السوريّة من خلال لعبة كرة قدم وحكاية حب صغيرة. إسقاط واضح على فريقي «النظام والمعارضة» في دعوة إلى التعاون انتصاراً للحب وتقبّل الآخر. ثمّة براءة وطرافة وأسلوبية تقترب من سينما ويس أندرسون في التقطيع والسرد وبناء العلاقات.
في حديثه لـ«الأخبار»، يؤكّد ميّار «تقديم الحكاية على المنحى الفكري. أريد صنع فيلم يقترح حدوتة واضحة وممتعة لمشاهده، إضافةً إلى البطانة السياسية التي تأتي لاحقاً. البراءة ما زالت موجودة رغم الحرب. الأطفال هم الأمل، والتسوية هي المنقذ للبلاد».
اللافت أيضاً في الفيلم عودة عباس النوري إلى السينما بعد غياب حوالى 30 عاماً. سيظهر نجم «باب الحارة» في دور صغير هو صاحب مكتبة يبيع كرة القدم بسعر زهيد مقابل خدمات طريفة، ليكون «طابة أمل» خامس أفلامه بعد «عشاق» لمروان عكّاوي، و«حب للحياة» لبشير صافيّة، و«قتل عن طريق التسلسل» لمحمد شاهين و«التقرير» لدريد لحام. وفي البطولة يحضر الممثّل الشاب ريمي سرميني إلى جانب طفل يقف للمرة الأولى أمام الكاميرا. لا يخفي عبّاس النوري استياءه من رصيده السينمائي. «لم يضف لي شيئاً» يقول لـ«الأخبار» مردفاً: «لم نصل في السينما إلى مستوى الصناعة، وبقينا في إطار التجارب الذاتية والهواجس الشخصية لمخرجين لم يكترثوا للجمهور فابتعد عنهم». مع ذلك، يتفاءل النوري ببعض السينمائيين الشباب، ويتحمّس للعمل معهم «إذا كان المشروع ناضجاً ومغرياً».
الأكاديميون الشباب يعدّون على الأصابع في المشهد السينمائي السوري، وهم مَن يعوّل عليهم في الإضافة وعمل الجديد والمختلف. ضمن هذا السياق، يبدو فيلم ميّار النوري مرتقباً، وهو أكثر مَن يدرك ذلك.