ربما لم يعد مجدياً تكرار متلازمة ما يصنعه الإعلام العربي، وتحديداً الخليجي والغربي الناطق بالعربية، من انحياز واضح للاحتلال الصهيوني وتبرير جرائمه، والتعتيم المطبق على رئتي فلسطين. اليوم، السيناريو عينه يتكرر مع العدوان الصهيوني على غزة، وتحديداً مع بدء العملية العسكرية على القطاع ليل الاثنين الماضي في ما سماه المحتلّ عملية «الجرف الصامد».
مع اشتداد الغارات الجوية والقصف على القطاع ووقوع عشرات الجرحى والشهداء، شكلت «الميادين» الذراع الإعلامية للمقاومة الفلسطينية في المواكبة الميدانية وبثّ الحرب النفسية ضد العدو. ليس جديداً على قناة «الواقع كما هو» حمل جراحات الشعب الفلسطيني ونكباته وتوثيق صور العدوان وإظهارها إلى العالم. مع اغتيال نائب القائد العام لـ«كتائب القسّام» أحمد الجعبري وشن إسرائيل عدوانها على غزة قبل عامين، حملت القناة وحدها الشعلة، فكانت صوت الغزيين. اليوم، تجنّد شاشتها منذ أول من أمس، مع انطلاق العدوان على غزة لمواكبة ما يجري هناك لحظة بلحظة.

تغطية خبرية
شاملة ومكثفة من بيروت والقطاع

التغطية المباشرة من داخل استديواتها في بيروت، بالإضافة الى تغطية مراسلها في القطاع أحمد غانم شكلتا صورة متكاملة عن الحدث. لم تكتف المحطة بهذا القدر، بل عملت جاهدة على بث روح العزيمة والمقاومة في نفوس المشاهدين. كليبات على مدار الساعة لأغنيات وأناشيد وطنية ثورية مرفقة بصور عن الانتفاضات الفلسطينية في مختلف مراحلها، بدءاً من عام 2000 وبثّ قصائد لسميح القاسم (لن أساوم)، وكليب أحبت القناة أن يشكل توأمة مع ما يحدث في غزة عبر نقلها لواقعها الأليم والحث على المقاومة والتغيير، فكانت عبارات: «تدرك الواقع... لتفخر/ تدرك الواقع لتغيّر/ تدرك الواقع لتحرر القدس».
الى جانب التغطية الحيّة، استخدمت «الميادين» ورقة الحرب النفسية التي تعتبر جزءاً من الحرب العسكرية أيضاً. أول من أمس، بثّت شريطاً لحركة «حماس» يحوي تحذيراً لمستوطني «بئر السبع» ووعيداً بالاستهداف باللغتين العبرية والعربية، بعدما قتل «قادتهم أطفالنا... وحكموا على أنفسهم بالموت». الدقائق القليلة تدعو المستوطنين الى الهرب سريعاً «قبل فوات الأوان». كل ذلك ترافق مع أصوات لصفارات الإنذار التي تدوي عادة بعيد إطلاق الصواريخ على المستوطنات، ولم يخل الفيديو من استعراض لصاليات الصواريخ. شريط آخر فنّد مراحل تطور القدرة الصاروخية لدى المقاومة الفلسطينية خلال العقد الأخير من بدائية الى متوسطة المدى يتسع قطرها أكثر ليطال مدناً محتلة، كانت تعتقد أنها بمنأى عن هذه الصواريخ ومنها «تل أبيب» و«عسقلان» وبئر السبع»، مع الحرص على إظهار ضعف القبة الحديدية الصهيونية في اعتراض هذه الصاليات.
إذاً، يسجّل لـ«الميادين» هذا الحضور القوي بين الفضائيات المتخاذلة والمتجاهلة للعدوان الصهيوني على غزة. تغطية خبرية ومواكبة لأوضاع المستشفيات والحالات الإنسانية والأهم الحفاظ على خط تحريري يحرص على ذكر مصطلحات «المقاومة الفلسطينية» ولا يشرذمها فصائل، و«قوات الاحتلال الإسرائيلي» كما هي واقعاً.