الاجواء الروحانية والتأملية التي تطبع رمضان، قرر القائمون على «مسرح المدينة» أن يعكسوها في أمسيات غنائية ذات طابع طربي، تماشياً مع هذا الشهر. هي ليست المرة الاولى التي نشهد فيها حدثاً مماثلاً. بات المكان مقصداً للباحثين عن موسيقى بعيدة من نمط الحفلات التجارية الاستهلاكية خلال هذا الشهر بالتحديد. أثبت إقبال أعداد كبيرة من الناس على هذا النوع من الحفلات أنّ ما زال هناك من يقدّر الفن الجيّد. أربعة فنانين برزوا في مجال الطرب والاغنية الشرقية يستضيفهم «مسرح المدينة» إذاً، لتقديم برامج خاصة تتوجه الى متذوقي الفن الشرقي التقليدي.
البداية الليلة ستكون مع عبد الكريم الشعار الذي اعتدنا رؤيته أخيراً في «مترو المدينة» ضمن أمسيات طرب وسلطنة. لطالما أدّى الشعار الاعمال الطربية من تواشيح صوفية وأدوار وموشحات. بفضل طاقاته الصوتية الهائلة، تمكّن من تقديم أصعب القطع الطربية. غالباً ما يرتجل على المسرح خلال أمسياته تلك، ما يثبت موهبته وتمكّنه من الغناء الشرقي ومن تقنياته. مساء اليوم، ننتظره على «مسرح المدينة» في ليلة تندرج تحت عنوان «دعاني لبّيتو»، تسانده فرقة بقيادة زياد الاحمدية. اختار الشعار أغنية «القلب يعشق كل جميل». هذه الاغنية التي أدّتها أم كلثوم، وكتب شعرها بيرم التونسي تتحدث عن الحب الإلهي، وهي إذاً تتلاءم تماماً وروحية الشهر. لحّنها ذكريا أحمد وأداها بصوته. لكن نسخة رياض السنباطي هي التي اعتمدتها «كوكب الشرق» واشتهرت بأدائها. سيقدّم الشعار كما كشف لـ«الأخبار» خلطة تمزج بين النسختين، يتخللها بعض التطريب، واتصال مع الناس كما يقول، مضفياً جواً من المرح أيضاً، فالسنباطي أعطى الاغنية لحناً مرحاً وخفيفاً بعض الشيء بالنسبة الى أغنية دينية.

أعدّت غادة غانم برنامجاً
مختلفاً يراوح بين الكلاسيكي
الغربي والشرقي

في الليلة التالية، سنكون على موعد مع خالد العبد الله. رأيناه وسمعناه أخيراً الى جانب نضال الاشقر في مسرحية «الواوية» حيث قدّم أداء صوتياً لافتاً. العبدالله الذي فضّل اعتزال المحاماة حباً بالغناء والتمثيل، يتسّلح بصوت جميل استخدمه في الأغنية الطربية. وها هو يأتينا ببرنامج مميز ومتنوع لحفلته في «المدينة». الامسية ستضمّ من جهة أغنيات خاصة بالفنان، ومختارات شرقية متنوعة من جهة أخرى. من أعماله سنسمع «يا ليل تلالا» و«هالبلد» و«يا بيروت»، و«باب الشوق» من ألحان أحمد قعبور. إضافة الى ذلك، ستكون هناك مساحة للقدود الحلبية مع «سالمة يا سلامة»، وبعض القطع للشيخ إمام مثل «شرفت يا نيكسون بابا». وفق العبدالله، فالأمسية خلطة موسيقية مختلفة عن التخت الشرقي الذي اعتدنا أن يرافقه. هي أمسية غناء شرقي مطعّمة بآلات غربية كالبايس والدرامز. يأتي اللجوء الى الآلات الغربية فيها لصالح إبراز هذا المغنى الشرقي التقليدي، ولإضفاء نكهة جديدة عليه.
تكمل الامسيات في 21 و22 الحالي مع «شيوخ الطرب». عُرفت المجموعة التي تتألف من فهد رسلان وأحمد السيد وابراهيم فارس وملهم خلف، بتقديمها التراث السوري، خصوصاً القدود الحلبية. إضافة الى ذلك، تؤدي الفرقة غالباً المواويل الطربية بشكل جماعي ومنفرد. اختاروا لأمسيتي «المدينة» عدداً من القطع التي تعود الى التراث العربي والحلبي. ستكون هناك بالطبع قدود حلبية، وأغنيات مختارة من الطرب القديم ، وأعمال لأم كلثوم، وعبد الوهاب مدرجة ضمن البرنامج. من العناوين التي يمكن سماعها خلال الامسية «يمرّ عجباً» و«يا بهجة الروح» و«فوق النخل» و«غنيلي شوي» و«اسأل» و«الورد جميل» و«حيرانة ليه». منذ انطلاقة مسيرتها، تسعى المجموعة الى تعريف الجمهور على هذا النوع من الموسيقى التراثية خصوصاً القدود الحلبية والموشحات الاندلسية وإلى إحيائها.
أما ختام سلسلة الحفلات في 23 تموز (يوليو)، فسيكون مع غادة غانم. هذه الامسية ستكون مختلفة عن بقية الحفلات المدرجة في الحدث، بتطرقها الى الشرقي والغربي معاً. غانم تخصصت في الغناء الاوبرالي ونالت ماجستير من «جامعة تكساس» عام 1991 وكانت اللبنانية الوحيدة التي انضمت إلى العمل في «أوبرا هيوستن» طوال سنتين. قدّمت حفلات في أنحاء العالم، ثمّ انتقلت الى دراسة الموسيقى الشرقية في نيويورك وبدأت تقديم الحفلات برفقة التخت الشرقي. لكنها قررت العودة الى لبنان عام 2000. من أجل أمسيتها في «المدينة»، أعدّت غانم برنامجاً مختلفاً، يراوح بين الكلاسيكي الغربي والشرقي. كذلك سنسمع مقطوعات جديدة تقدّمها للمرة الاولى أمام الجمهور. في ما يتعلق بأعمالها الخاصة القديمة، اختارت مقتطفات من «ريحة شتي». وتعدّ غانم مجموعة أعمال من ألحان السنباطي وذكريا أحمد. من جهة الريبرتوار الاوبرالي الغربي، تتخلل الامسية مقطوعات من «كارمن». هو إذاً مزيج متنوع، سيأتي كما شرحت غانم في اتصال مع «الاخبار» على شكل قصة، تلقيها بطريقة ممسرحة. تصف غانم طريقة تقديم أدائها هذه بالتمارين التي تجريها برفقة الموسيقيين على المسرح وأمام الجمهور.



«رمضانيات في مسرح المدينة»: 21:30 مساء اليوم حتى 23 تموز (يوليو) ـ «مسرح المدينة» (الحمرا) ـ للاستعلام: 01/753010