بعد عروض فرديّة راقصة عدة، تقدّم يارا بستاني عرضها الأول الذي يحمل توقيعها كمخرجة، إلى جانب ثلاثة راقصين آخرين هم أليكسندر هبر، ميكايل كاستلان وآيميرك لورثيوس. «وادي النوم» الذي انطلق عرضه أمس على خشبة «مسرح المدينة» (الحمرا)، يمثل الصراعات الداخليّة التي يعيشها كلّ إنسان. بدأت بستاني العمل على هذا العرض منذ سنة 2020، حين ألهمتها لوحة «عاشق من الجن» للفنان المصري عبد الهادي الجزار، الذي يُعدّ من الرعيل الثاني في المحترف التشكيلي المصري.

توقفت بستاني عند فكرة الجن، لتسائل نفسها: كيف يمكن للجسد الحي الراقص أن يمثل شخصيّةً خياليّةً؟ خلصت بستاني إلى أنّ هناك شخصيّات عدّة تتعايش مع بعضها في واد قائم داخل كلّ إنسان، وليس علينا سوى الاستماع إليها والتواصل معها لنعكسها إلى العالم الخارجي من خلال أجسادنا. انطلاقاً من ذلك، طوّرت عملها الراقص «وادي النوم» الذي استلهمته من شعر عبد الهادي الجزار المنقوش على لوحته إياها.
«كلّ من الراقصين الثلاثة، مُنح الفرصة لتطوير العمل من خلال مشاركة ما يعيشه من صراعات داخليّة على المسرح باستخدام حركة الجسد. فأضاف كلّ منهم لمسته الخاصة ليصبح العرض متكاملاً بطريقة تحاكي وتلمس دواخل كلّ فرد من الجمهور» هكذا تعلّق بستاني على تجربتها في الأداء مع الراقصين المشاركين، قبل أن تتوقّف ملياً عند الفكرة التي يطرحها عرضها: «الوادي هو مكان ما في داخلنا، تعيش فيه الكثير من الكائنات المختلفة عن بعضها، ولكن عليها التعامل بعضها مع بعض. يخرق هذا الوادي نهرٌ جارٍ، يمثل أحداث حياتنا اليوميّة التي تؤثر على تلك الكائنات وطريقة تصرفها وتعاطيها».
بهدف تقديم تلك الكائنات الداخليّة المختلف كل منها عن الآخر بصورة حقيقيّة غير مصطنعة، اختارت المخرجة ثلاثة مؤدّين يشاركونها عرضها. كلّ واحد منهم يتمتع بأسلوبه الراقص الخاص الذي يمثل شخصيته وكيانه الفنّي. حافظت بستاني على أساليبهم تلك ودمجتها في العرض لتتشكّل بصورة حقيقيّة تلمس الجمهور، واختلافاته ووحدته. في هذا الإطار، يشاركنا المؤدّي أليكسندر هبر تجربته بالعمل على هذا العرض، قائلاً: «بدأنا بطريقة غامضة ولكن بثقة تامّة برؤية يارا الخاصة للعمل. شعرت أنّنا بحاجة إلى عرض مماثل في لبنان، بعيد عن الواقع يأخذنا في رحلة إلى عالم الأحلام والإحساس اللامحدود. عملنا على حركة الجسد من دون أن ندرسها ونصحّحها أمام المرآة، بل اعتمدنا على إحساسنا بها وتفاعلنا مع بعضنا».
يعرض «وادي النوم» أماكن خَفيّة في داخلنا، ليحثنا على اكتشافها والتواصل معها وإطلاقها إلى العالم الخارجي. عرض راقص يعتمد على حركة الجسد في إيصال محتواه الحالم إلى الجمهور.

«وادي النوم» س: 20:00 مساء اليوم، وغداً (س:19:00) ضمن برنامج مهرجان «أرصفة زقاق» ـــ «مسرح المدينة» (الحمرا) ــــ للحجز والاستفسار: 76/194246