في الذكرى السنويّة الأولى لرحيل العضو المؤسّس في حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان، أصدر رفاق ورفيقات الكاتب والمترجم والناشر والمثقّف المشتبك سماح إدريس (الصورة) بياناً أمس الثلاثاء، جاء فيه:
«نجدّد العهد بإكمال المسيرة التي بدأناها سوياً في مقاطعة ومحاصرة العدوّ الصّهيونيّ وداعميه من خلال مقاومة التطبيع وتعزيز ثقافة المقاطعة. وفي هذه الذكرى نهدي رفيقنا الحبيب بعضاً ممّا كان يهدي إلينا، رفيقات ورفاقاً وحملة: جهد مئات السّاعات من البحوث العنيدة، والكتابة الموثّقة، والتّحرير المتطلّب والصّبور. لقد رَوّضْنا الحزنَ بالعمل والأمل، حتى صارَ صديقاً حميماً في ساعات البحث والكتابة والتّحرير، وبات يفقَه في أمور المقاطعة.
توثّق حملتنا كلّ أنشطتها من بيانات وندوات ومواقف على موقعها الإلكتروني وصفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي، وفي ما يلي بعض ما أنجزته في السّنة الأولى لرحيل الرّفيق سماح إدريس. لعلّ إنجاز الحملة الأهمّ هو مراجعة وتحديث دليل أبرز الشّركات الدّاعمة للكيان الصّهيونيّ مستندةً إلى معايير تصنيف الشّركات الدّاعمة كما وردت في النّقطة السّابعة من وثيقة الحملة، حيث تمّت مراجعة كلّ المعلوماتِ الواردة في الدّليل والمتعلّقة بمدى دعم كلّ شركة مدرجة فيه للكيان الإسرائيلي وكيفيته، للتأكد من أنّ المعلومات لا تزال صالحة لغاية تاريخه، فأجرت التّعديلات اللازمة...
وضمن الإطار الداخلي، جرت مراجعة وثيقة الحملة، فأُضيفت نقاط عن معايير قبول الدعم الماليّ من المنظّمات غير الحكوميّة الأجنبيّة، وعن موقف الحملة من بعض الوسائط المتدفّقة، وكذلك عن موقف الحملة من الفلسطينيّين في الأراضي المحتلّة عام 1948 الذين يرزحون تحت الاحتلال. ضمن السياق السياسي المباشر، شدّدت الحملة على موقفها الثابت من ترسيم الحدود البحرية مع كيان الاحتلال والمفاوضات التي سبقتها، فشاركت متابعيها بيانات وندوات ومواقف كانت السبّاقة في التعبير عنها والتنبيه من خلالها إلى خطورة ترسيم الحدود. وكذلك أصدرت موقفاً حول شبهة التطبيع في مشاركة رئيس حكومة لبنان السابق نجيب ميقاتي في اجتماع مصغّر على هامش ‎قمّة المناخ المنعقدة في شرم الشّيخ، و‎توجّهت بسؤال إلى النائب فؤاد مخزومي حول الصورة التي تجمعه بنائب رئيس الوزراء الصهيوني خلال مؤتمر طنجة.
وكشفت بعض حالات التواصل المباشر بين لبنانيّين وعرب آخرين مع إسرائيليّين، فطالبت هؤلاء بالتّضامن الإنسانيّ ــ بالحدّ الأدنى ــ مع الفلسطينيّين الذين يُقتلون كلّ يوم على يد المجنّدين (المدنيّين) الإسرائيليّين. كما ندّدت بزيارة المطران الحاج لفلسطين المحتلّة وحمله أموالاً إلى لبنان بحجّة الضّائقة الاقتصاديّة والمعيشيّة، وطالبت الجهات المعنيّة بالوقوف عند مسؤولياتها الوطنيّة.
وتصدّت الحملة لمناهضة التطبيع النخبوي الأكاديمي والفني والثقافي والإعلامي، فدعت محطة «الجزيرة» وكلّ المحطّات العربيّة لوقف التّطبيع الإعلامي عقب اغتيال قوّات الاحتلال الإسرائيلية الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة. كما نشرت الحملة بياناً رصد عدّة حالات من التّطبيع الإعلاميّ «الناعم» في لبنان.
ودانت الحملة مشاركة لبنانيين في مؤتمر «إيدك دبي 2022» إلى جانب إسرائيليين، وكذلك في مؤتمر ينظّمه معهد «مينرفا» الإسرائيلي ــ الألماني. وأصدرت بياناً يدعو إلى مقاطعة معرض «إكسبو دبي» وشاركت في الحملات العربية التي كانت تهدف إلى ثني الفنانين والمثقّفين عن المشاركة في إحياء فعالياته. وكذلك دعت إلى مقاطعة «‏مهرجان طيران ‎الإمارات للآداب» وتواصلت مع الكُتَّاب المشاركين لحثّهم على الانسحاب، وطالبت الكُتَّاب العرب واللبنانيين بمقاطعة جائزة «متحف الكلمة» التطبيعية في إسبانيا، وطلبت من ‏«الجمعية اللبنانيّة للأنف والأذن والحنجرة» الانسحاب من مؤتمر طبي تطبيعي في ‎دبي، فاستجابت وانسحب المنتسبون إليها من المشاركة.
وكذلك، أسهمت الحملة في حث الفنان رامي خليفة على الانسحاب من نشاط تطبيعي في «معهد العالم العربي» في باريس. كما كان للحملة دور بارز في إحباط مشاركة كتّاب فرنكوفون مؤيّدين للصّهيونية في فعاليّة «بيروت كتُب» التي ينظّمها المعهد الفرنسيّ في لبنان، ما أدّى إلى انسحابهم.
ثم دعت الحملة إلى مقاطعة فيلم Thor: Love and Thunder لمشاركة الإسرائيلية نتالي بورتمان فيه، وفيلم Death on the Nile من بطولة الإسرائيليّة غال غادوت، وفيلم The Secrets We keep للمخرج الإسرائيلي يوفال أدلر، وطالبت صالات السّينما بسحبها من صالاتها، فسُحبت. وحثّت الحملة من خلال علاقاتها مع الحملات العربية على سحب هذه الأفلام من الصّالات العربية، فنجحت في عدم عرض فيلم غادوت في الكويت وتونس.
أما بخصوص الندوات، فشاركت الحملة في تنظيم فعاليات في «أسبوع مقاومة الاستعمار في الجامعات» وندوة رقمية حول مشاريع الاستعمار ومواجهتها، كما شاركت في تنظيم ندوة بالإنكليزيّة بعنوان «سماح إدريس: المثقّف العضويّ في مساراته السّياسيّة والاجتماعيّة»، وأخرى بالعربية بعنوان «سماح إدريس، رفيقاً ومناضلاً ومعلّماً». ومع تسارع التطبيع وبروز مظاهر الفقر في الوطن العربي، نظّمت الحملة ندوة رقمية بعنوان «التطبيع وآليّات الإفقار الاقتصادي والثقافي المجتمعي» عشيّة الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع كيان الاحتلال.
وفي مجالاتٍ أخرى، دعت إلى مقاطعة التّطبيق الرياضي الإسرائيلي 365 scores، وتبنّت بيانها أكثر حملات المقاطعة العربية ونشرته.
ووثّقت الحملة لإنجازات حملات المقاطعة العربية والعالمية، وتبنّت بعض بياناتها ومواقفها، ووثّقت انسحاب الأبطال العرب واللبنانيين من بطولات رياضية رفضاً لمواجهة إسرائيليّين، وأصدرت بياناتٍ لمناصرة الرّفاق الأحرار وإدانة ملاحقتهم أمنياً؛ مثل خالد بركات وغسّان بن خليفة.
أمام هذه الإنجازات والأنشطة على أكثر من جبهة، أثبتت الحملة أنّها اجتازت بنجاحٍ المرحلة الأصعب التي تلت فقدان عضوها المؤسّس الرّفيق سماح إدريس. ويجدر التنويه بأنّ أعضاء الحملة مجموعة صغيرة من المتطوّعين والمتطوّعات، وأن نجاح عملها يستند بشكل رئيس إلى تفاعل جمهورِ المقاطعة الأوسع ومؤازرته لها، وإلى انتشار ثقافة المقاطعة والوعي بأهمّيّتها كسلاح من أسلحة مواجهة المشروع الصّهيوني. وهنا تدعو الحملة كلّ القوى الفاعلة والكامنة في مجتمعاتنا: أفراداً ومؤسّساتٍ سياسيّة ودينيّة واجتماعيّة وتربويّة ومدنيّة للوقوف أمام مسؤوليّاتهم في مواجهة مشاريع التطبيع في لبنان وسائر الدول العربية».