لم يكن صديقي في لجنة طوارئ محافظة خان يونس، في قطاع غزة، متأكداً تماماً من أنّ كل التجهيزات التي تجرى هنا في المدينة لإيواء المتضررين من العدوان الإسرائيلي البري على قطاع غزة قد تكون كافية.
إن حكومة «نتن ياهو»، جعلت الكل هنا في حالة ذهول، من جراء طريقة العدوان غير المسبوق على قطاع غزة. اضطر ثمانية آلاف شخص من الأطفال والشيوخ والنساء في المناطق الشرقية لخان يونس إلى الرحيل عن بيوتهم قسراً، بفعل الضربات القاتلة والعشوائية للطائرات والمدفعية الإسرائيلية، على ما يبدو أن بنك الأهداف الإسرائيلية أصبح واضحاً وجلياً لهذا العالم القبيح بأفعاله وأقواله حيال هذه المجازر التي تُقترف بحق شعبنا هنا في غزة.
ثمانية آلاف شخص في مراكز الإيواء التي جهزتها وكالة الغوث، والعدد في تزايد مستمر، والزيادة غير متوقعة، والأماكن المجهزة محدودة، يعيش هؤلاء الناس في ظروف بيئية وإنسانية صعبة إلى حد بعيد. ينامون من دون أغطية، مع نقص في فراش النوم، وشح كبير في مياه الشرب. وعلى الرغم من تدخل الكثير من المؤسسات لاحتواء الأزمة، إلا أنّها أكبر من الإمكانيات المتاحة.
ثمانية آلاف شخص يعيشون على هامش الحياة هنا. كل شيء وفق نظام الطابور: الحمام، الأكل، الشرب، حتى الاستماع إلى الأخبار وفق قانون الطابور.
ثمانية آلاف شخص يفترشون الأرض، ويلتحفون السماء غطاءً. يعيشون تحت أزيز الطائرات بدون طيار، وتلك المقاتلة، والأخبار تصلهم من خلال أصوات الانفجارات الصاروخية. يعيشون ليلاً ليس كالليل، ونهاراً محشواً بالأوجاع والأخبار المميتة.
هنا في أماكن الإيواء، التي يطلق عليها البعض الأماكن الأكثر أماناً، يتبادلون الصمت في ما بينهم وقلوبهم معلقة بكل شيء هناك، حيث تركوا بيوتهم وأهلهم الذين لم يتمكنوا من مغادرة تلك المناطق، ورسالتهم إلى العالم: نحن هنا بألف خير، طمئنونا عنكم.