ما إن شعر اللبنانيون بالهزّة الأرضية التي ضربت المنطقة فجر الإثنين، حتى تهافتوا على مواقع التواصل، إلى درجة أنّ بعضهم «غرّد» فيما كانت الهزّة مستمرّة، في مشهد أعاد إلى الأذهان لحظة وقوع فاجعة مرفأ بيروت قبل أكثر من سنتَين، وما تبعها من فورة افتراضية. هكذا، نُشر عدد كبير من التغريدات على تويتر من قبل أفراد، بالإضافة إلى منشورات من الصفحات الإعلامية، وخصوصاً ما يُسمّى «الإعلام الجديد» على فايسبوك وإنستغرام. لعلّ المحطّات الأكثر استقطاباً للمغرّدين، كان انتشار شريط يظهر فيه مذيع قناة «الميادين» أيهم بني المرجة، وهو يقدّم نشرة إخبارية في أثناء الزلزال، إذ اهتزّت الكاميرا بشكل واضح، فما كان منه إلّا أن صرّح قائلاً: «يبدو أنّ هناك هزّة أرضية تتعرّض لها العاصمة اللبنانية بيروت على الهواء مباشرةً»، لكنّه أكمل قراءة النشرة بشكل اعتيادي. لاقى هذا الشريط تفاعلاً كبيراً على تويتر، فأشاد المعلّقون بأداء المذيع الذي اعتبروه احترافيّاً وصورةً جميلة للإعلام العربي، ولا سيّما أنّ بني المرجة لم ينفعل رغم اعترافه لاحقاً في ردوده، بشعوره بالخوف.

أمّا التغريدة التي لاقت تفاعلاً ضخماً، فكانت من توقيع الباحث في شؤون الزلازل الهولندي فرانك هوغيربيتس. قبل ثلاثة أيام من وقوع الزلزال، توقّع هوغيربيتس حدوثه في تغريدة على حسابه، بما في ذلك درجة قوّته والدول التي ستتأثر به، وهي تركيا والأردن وسوريا ولبنان. هذه التغريدة قفزت من بضع عشرات التفاعلات، إلى مئات الآلاف في غضون ساعات قليلة فقط بعد الزلزال، ونال الباحث مئات الآلاف من المتابعات، وانهالت التعليقات المتعجّبة من هذا «التنبّؤ» والساخرة أيضاً.
لاقت تغريدة الباحث فرانك هوغيربيتس تفاعلاً كبيراً على تويتر

لكنّ بحثاً سريعاً حول خلفية هوغيربيتس يُظهر أنّه يعمل في معهد SSGEOS الذي يُعنى بأبحاث لرصد تأثير الأجرام السماوية على النشاط الزلزالي. لكن بالطبع تُرفع القبّعة للباحث على تغريدته ولو أنّه لم يؤخذ بها قبل حصول الزلزال، إذ إنّه لم يحدّد تاريخاً معيّناً له، إذ من الصعب بشكل عام توقّع حركة الصفائح التكتونية، وبالتالي الزلازل التي قد تتسبّب بها.
على صعيد تغطية القنوات اللبنانية، طغى الخبر على العناوين الأولى لنشرات الأخبار المحلّية والإقليمية. لكنّ التركيز كان بشكل مبالغ فيه على تركيا. ورغم فظاعة الأضرار البشرية والمادية فيها، إلّا أنّ تغطية الوجع التركي أتت على حساب سوريا التي وقع فيها عدد هائل من الضحايا، بالإضافة إلى الأضرار التي وقعت في لبنان والأردن. هكذا، نسيت قنوات محلّية وعربية الدول العربية «الشقيقة»، بدلاً من تغطيتها لكلّ البلدان المتضرّرة معاً وبشكل متساو. وكالعادة في كوارث مماثلة، انهالت صور الأشلاء والأطفال والضحايا الذين سقطوا بسبب الزلزال، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بدون حد أدنى من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية.