القاهرة | «مفيش حاجة اسمها عذاب قبر، ومفيش ثعبان أقرع، ولا بشعر». أصبحت هذه العبارة هي الأكثر تداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي منذ أن أطلقها الصحافي والإعلامي إبراهيم عيسى في نهاية شهر رمضان ضمن برنامجه الأحدث «مدرسة المشاغبين» على قناة ontv. البرنامج الذي تواصلت حلقاته طوال شهر الصوم، جذب الانتباه وأثار الجدال لأسباب عدة. رغم تراجع الإقبال على القنوات الإخبارية في رمضان، إلا أنّ «حلقة عذاب القبر» ذهبت بالجدال حول البرنامج إلى اتجاه مختلف. أخيراً، تصاعدت الأصوات المعارضة لانكار عيسى وجود عذاب القبر، وقوله: «يبدو أنّ الذين يريدون تخويف الناس زادوا فيها وعملوا فيها عذاب القبر، ودا كله عشان تخافوا، والثعبان الأقرع في التراث الفرعوني واليهودي، وفي ناس اخترعت ده لتخويف الناس».
وتابع: «النار كفاية لتعذيب الناس، وأكتر حاجة بتردع العصاة والكفار، وده مش رأيي أنا بس، مفيش عذاب قبر، وهناك ابن حزم الذي رفض القول بعذاب القبر، وفرقة المعتزلة المحترمة، ولو في عذاب قبر، ليه ربنا مقلناش عليه». الغاضبون طالبوا الأزهر بالتدخل، وهو ما حدث بالفعل، إذ أطلقت المشيخة تصريحاً رسمياً يؤكد أنّ لجنة تشكلت لدراسة حلقات البرنامج، وخصوصاً «حلقة عذاب القبر» للرد عليها. وأطلق وزير الأوقاف المصري مختار جمعة تصريحاً سياسياً رأى فيه أنّ التطرق إلى هذه المواضيع يساعد قوى التطرف والإرهاب، وهو قصد هنا أنّ معارضي النظام المصري الحالي من التيارات المتشددة ستوهم البسطاء بأنّ هناك محاولة لضرب الثوابت الدينية لم تكن لتتم في عهد المعزول محمد مرسي. على أي حال، من المتوقع أن يهدأ الجدال تدريجاً كما هي العادة في هذا النوع من الأزمات. إلا أنّ برنامج «مدرسة المشاغبين» جاء ليفتح أفقاً أوسع أمام القضايا التي غابت كثيراً عن الساحة الإعلامية المصرية، ما يفسر الجدال حول مضمونه من جهة وأسلوب مقدمه من جهة أخرى. الأصوات التي تنادي بإصلاح الخطاب الديني دعمت عيسى في موقفه ولو اختلفت معه سياسياً، لكن ذلك لم يمنع المناهضين لعيسى من توجيه انتقادات لفكرة البرنامج نفسها، إذ يطل عيسى عبر شخصية مدرس يفتح ملفات ساخنة أمام مجموعة ثابتة من التلاميذ.

تشكيل لجنة
من الأزهر لدراسة
حلقات البرنامج
هناك من رأى أن هذا النسق يعني فرض أفكار عيسى على التلاميذ ومن خلفهم المشاهدين، بينما ذهب آخرون إلى أنّ أسلوب البرنامج القائم على الشرح المدرسي جذّاب في كل الأحيان، وجديد على الشاشة المصرية، إلى جانب تماشيه مع طبيعة عيسى الذي يتمتع بقدرة كبيرة على الشرح والاسترسال في كل المواضيع. وإذا كانت حلقة «عذاب القبر» قد حظيت بالجدال الأكبر، فإنّ حلقات أخرى يتوقع أن تطلق بالرياح الغاضبة نفسها إذا حصلت على فرص عرض في توقيت أفضل بعد انتهاء اجازة العيد، من بينها سلسلة حلقات حول الفتنة الكبرى التي أسقط فيها المدرس عيسى ما جرى في صدر الإسلام على ما فعله الإخوان في الأعوام الأخيرة بعد ثورات الربيع العربي. كذلك، تناول عيسى قضية الحجاب في أكثر من حلقة وذهب إلى أنّ التحرش موجود منذ قدم الأزل سواء في المدينة المنورة أو هو أقدم من ذلك. واعتبر قصة النبي يوسف مع زوجة العزيز أقدم محاولة تحرش في التاريخ. غير أنّ الحلقات كلها لم تتبع النسق الصادم نفسه في الأفكار، فبعضها تناول قضايا معاصرة ذات طابع توثيقي فني مثل الحلقة التي تحدث فيها عيسى عن نشأة «فرقة حسب الله» الموسيقية الشهيرة.