«أُعلن انشقاقي... وهذه هويتي». لطالما لازمت هذه العبارة أسماعنا طيلة الأزمة السورية. سيناريو مكرر لجنود وضباط سوريين يرتدون البزات العسكرية ويشهرون هوياتهم تزامناً مع إعلان انشقاهم عن الجيش السوري. هذه المشهدية أريد لها أن تتكرّر أول من أمس مع الاشتباكات التي وقعت في عرسال بين الجيش اللبناني والمجموعات الإرهابية من «داعش» و«النصرة» إثر القبض على أخطر الموقوفين كما وصف أي أبو أحمد جمعة المنشق عن «النصرة» والملتحق بأبي بكر البغدادي.
السيناريو تكرر مع انقضاض هذه المجموعات المسلحة على فصيلة الدرك في البلدة البقاعية، واحتجازها لأكثر من 20 عنصراً من الأمن الداخلي. وسرعان ما ظهر هؤلاء في فيديو مصّور (4 دقائق) بثته «جبهة النصرة» على يوتيوب حيث يعلنون «انشقاقهم عن حزب الله والجيش اللبناني». مشهد مضحك كأنّ هذه العناصر التي أجبرت على النطق بهذه العبارات تنتمي بالأصل الى إحدى هاتين الجهتين! بدا الارتباك جلياً على وجوه العناصر، منهم من فضل الاكتفاء بخبر الانشقاق، وآخرون «سوّغوا» الأسباب أبرزها «تدخل حزب الله في سوريا وقتله المدنيين هناك». عدا أنّه أعاد الى الأذهان المشهدية السورية في اعلان الانشقاقات، ذكّر الشريط بمتلازمة «ابو ابراهيم» الإرهابي الذي احتجز اللبنانيين في «أعزاز» السورية، وأسهم الإعلام في تبييض صورته، وكرّر من خلفه أنّ المحتجزين اللبنانيين هم «ضيوف» لديه يلقون أفضل معاملة. هذا ما حاول بعض الإعلام أول من أمس إعادة ترسيخه من خلال تأكيد أنّ العناصر الأمنية ليست محتجزة، بل في «ضيافة» الشيخ مصطفى الحجيري الملقب بـ «أبو طاقية».

تبنّت وسائل
الإعلام مقولة مصطفى الحجيري بأنّ الرهائن
«في ضيافته»

الحادثة الأمنية صوّرت على النحو الآتي: تطويق مبنى فصيلة الدرك في عرسال واستشهاد مدنيين من خلال تصديهم للعناصر الإرهابية، بعد سوق عناصر الدرك ووضعها في منزل الحجيري. الإعلام أصرّ على تحييد الأخير، واعتبار ألّا ذنب له في ما يحصل من خلال القول بأنّ منزله مطوق من قبل المجموعات المسلحة، وأنه أراد «إنقاذها» في سيناريو هوليوودي لا يصدق. لكن الواقع وتصريحات الحجيري يظهران العكس. ففي حديث لصحيفة «النهار» أمس، اشترط الحجيري إطلاق العناصر اللبنانية بوقف النار على عرسال ناقلاً هذا الأمر عن المجموعات المسلحة. وأخذت وسائل الإعلام لاحقاً تتداول تصريحه الشهير بأنّ عناصر الأمن الداخلي موجودة في «ضيافته». mtv كانت ضمن الجوقة التي أصرّت على استخدام مصطلحات «الضيافة»، ورفض توصيف الوضع على ما هو عليه. على سبيل المثال، في رسالتها ضمن نشرة الأخبار أول من أمس، أصرّت جويس عقيقي على أن «تكون دقيقة» كما قالت، فوصف رهائن الدرك بـ «الموجودين في بيت الحجيري» مع نفي أن يكونوا «محتجزين»!.
في سياق متصل، تلقى الإعلامي فيصل القاسم ضربات افتراضية من خلال حملات الشتائم على حسابه على تويتر وغيره بعد تبنيه مقولة أحدهم بأنّ «الجيش اللبناني يبارك لـ «حزب الله» الدخول الى سوريا وذبح شعبها» ويقف معه ضد «السوريين الذين يردون اعتداءات قتلة حزب الله»!.