لينا خوري*خلال تدريسي في الجامعة خلال السنوات الماضية، أسفت لأن طلاب هذا الجيل يعرفون القليل عن إرثنا الثقافي اللبناني عموماً والمسرحي خصوصاً. ولأن عصام محفوظ جدد في لغتنا اللبنانية المسرحية فكتب نصوصه بالعامية، بلغة تحاكي واقع الناس والشارع، ولأنه طوّر في أسلوب طرح مواضيعه كما في لغته؛ قررت أن أخرج مسرحية لكاتبنا في «الجامعة اللبنانية الأميركية» التي أُدرّس فيها كي أتيح للطلاب فرصة التعرف إليه عن كثب.
وبسبب هذا العهر السياسي الذي نعيشه، كانت قلة وعي الشعب هاجساً يسكنني. أعدت قراءة محفوظ، ووجدت أن مسرحية «لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو 71» تحاكي هذا الواقع بالذات. فكرتاها الأساسيتان هما: النضال من أجل التحرر والتحرير، ولطالما كان النضال بموجب مبادرة فردية شخصية وليس على صعيد حكومات أو شعوب؛ وحالة الغيبوبة الطاغية على الشعب اللبناني والشعوب العربية المتفرجة والمتقبلة لواقعنا السياسي المؤسف. يقول محفوظ عن مسرحية «لماذا..»: «أطمح أن أوقظ ردود فعل ضميرية بقدر ما يسمح به إمكان الفعل المسرحي كأداة تأثير، لا توجيه، أن أثير الشعور بالخجل، أن أجلو الصدأ بالصدمة الحسية...». وللأسف منذ أن كُتبت المسرحية وحتى اليوم، وبعد مرور 45 عاماً، لم يتغيّر شيء في واقعنا المرير هذا، لذا عزمت على مهمة إخراجها.
وفي الذكرى العاشرة لوفاة عصام محفوظ وددت أن أوجه له تحية بإعادة طرح بعض أفكاره كقوله: «كم هو مخجل موقفنا التفرجي من القضايا المصيرية»؛ فكانت "لماذا.." على خشبة مسرح «غلبنكيان».
والآن، وكي أتحدّى الجهل أولاً، وكي أُتيح الفرصة لمن لم يستطع مشاهدة المسرحية الاستمتاع بها ثانياً، سأعيد تقديم مسرحية "لماذا.." الشهر المقبل على خشبة «مسرح المدينة».
قال محفوظ في "بيان مسرحي رقم 1": حتى نجعل من المسرح الغاية التي نرجوها يجب أن نجعله عنيفاً، مثيراً، مهيجاً متأثراً ومؤثراً، نافذاً كالسهم. يجب أن نعرّيه من كل ثيابه القديمة، من كل ما يفصله عن الصدمة الضرورية»، فنخبك يا محفوظ، ونخب المسرح، ونخب الإبداع، ونخب النضال، ونخب الحرية، ونخب لبناننا.
* مخرجة مسرحية لبنانية