لم تنسجم آلية الإنتاج في شركة «إيغل فيلمز» مع المستوى الذي يقدّمه الكاتب سامر رضوان. رغم حماستها إزاء مسلسله «أطلقوا الرصاص»، إلا أن المنطق التجاري له كانت له حسابات مختلفة. هكذا، أوقف المشروع لتعود الشركة اللبنانية التي يملكها ويديرها جمال سنان إلى سابق عهدها مع الدراما التجارية التي تسعى نحو هدف أوحد، هو الربح المالي والحضور الجماهيري. حق مشروع لا يمكن نكرانه على أي جهة تنتج الدراما، لكن يحق لنا أيضاً أن نسأل عن السوية الفنية والقيم المعرفية التي يجب أن تقدّم من خلال هذا الفن الجماهيري، ومحاولة صنع ذاكرة للتلفزيون. لا ضير لو جربنا استبيان الرأي حول ذاكرة المشاهد، ولو بلمحة سريعة عما يشاهده من تلك المسلسلات العابرة بعد انتهاء عرضها مباشرة. على أي حال، تقدّم «إيغل فيلمز» هذا العام مسلسل «يا ريت» (تأليف كلوديا مارشيليان وإخراج فيليب أسمر، بطولة مكسيم خليل، وقيس الشيخ نجيب وماغي بوغصن ــ الأخبار 20/1/2016). التركيبة التجارية ذاتها التي تسهم في جذب المشاهد وتبديد القيمة والسمعة الطيبة التي بناها الممثل السوري عبر سنوات طويلة من البحث، والدراسة الأكاديمية، وتراكم الخبرة، والحرفية التي تعلّمها في بلاده من خلال الجدية المطلقة في التعاطي مع الدراما كصناعة وطنية رائدة. لكن هنا اختلفت الفرضية جذرياً. الممثل الذي وصل إلى نجومية مشهود لها من خلال تماسه الجريء مع الواقع وسبكه شخصياته من الحياة، صار مجرد «راكور» لا تزيد الدراما في ما يقدمه على كونه «الحبيب» أو «الزوج الوسيم» الذي خدع على حين غرّة وبطريقة ليست مقصودة من زوجته!
يؤدي قيس الشيخ نجيب شخصية طبيب أربعيني أعزب
«إيغل فيلمز» ستقيم مؤتمراً صحافياً يوم الاثنين المقبل في أحد فنادق برمانا لإعلان تفاصيل مسلسل «يا ريت». لكن في حديثه معنا، يشرح النجم قيس الشيخ نجيب دوره قائلاً: «أجسد شخصية طبيب أربعيني مغترب يعيش في لندن، وما زال أعزب. تجمعه علاقة حب بفتاة اسمها جنى، يعود إلى بيروت ليحل مجموعة من القصص والمشاكل العالقة المرتبطة بأهله الذين ما زالوا يعيشون في سوريا، إضافة إلى رغبته في البقاء بالقرب من حبيبته». لكن ألم تجسّد في العامين الماضيين أدواراً تشبه هذه الشخصية، إضافة إلى أن زملاءك الممثلين يلعبون أدواراً مشابهة؟ يجيب: «الظرف الراهن يجبر الصناعة على السير بطريقة الموضة. وهذا الرائج حالياً رغم أنه يتعرض لنقد شرس بنحو دائم، إلا أنه في المقلب الآخر يحصد شعبية وجماهيرية كبيرة». لكن كأن الممثل السوري بات أكثر الخاسرين، أو أقل الرابحين من صرعة المسلسلات العربية المشتركة. يرد: «هذه الأعمال تجمع الخبرات العربية من دون وجود رابح أو خاسر. إنّها قصة اجتماعية حيث الحامل الأساسي لها هو الحب، وتبقى الخلفية مفتوحة لإلقاء الضوء على المشاكل التي تعانيها كل شخصية. وربما في هذه الحال تكون هناك فرصة لمرور، ولو عابراً، على ما نعانيه من مشاكل مجتمعية على خلفية الأزمات الحاصلة في بلادنا. أما عن الاشتباك مع الواقع، فأعتقد أنه بسبب حرارة الأحداث، فإن الدراما تتخذ خطوات احترازية عند محاولة تقديمها. يبقى الحديث عن العمل التلفزيوني كمادة للتسلية والترفيه، وهذه حدوده، وهو يعطي للناس دفقات معنوية جيدة ويشعرهم بأن الحب مستمر رغم الحروب الطاحنة. لكن مهلاً. لا أريد أن يفهم من كلامي أنني مع هذه الحالة، إنما أجرّب توصيف ما يحدث لا أكثر ولا أقل».
على هذه الحالة، سيكون «يا ريت» حلقة إضافية في مسلسل الحب الدرامي الطويل الذي لا أحد يعلم متى يسدل صنّاعه شارة النهاية له!