القاهرة | من يدير الريموت كونترول في القنوات المصرية؟ سؤال تفرضه الوقائع الإعلامية خلال الأسابيع الأخيرة أحدها إعلان قناة «القاهرة والناس» عن «إرجاء بث» حلقات برنامج «الراقصة» من دون تحديد موعد عودته عقب هجمة دينية وإعلامية عليه (الأخبار 3/9/2014). بدا الهجوم على البرنامج منظّماً، حتى وصل إلى تلقّي مكتب النائب العام المصري هشام بركات أربعة بلاغات من محامين ومواطنين يطالبون بوقف عرض العمل الذي انطلقت حلقته الأولى مساء الاثنين، قبل أن يحتجب الثلاثاء. علماً أنّه يفترض أن يعرض كل أحد واثنين وثلاثاء.
وكانت إدارة «القاهرة والناس» أرجعت في بيان متلفز سبب تأجيل بثّ البرنامج أول من أمس إلى حادث مقتل 11 جندياً في هجوم صباح أوّل من أمس في سيناء (الجزء الشرقي من مصر). وتابعت: «لا تملك القناة سوى وضع علامة الحداد على شاشتها عزاءً ومواساة للضحايا الأبرياء. لذلك، تعلن المحطة إعادة النظر في عرض البرنامج الترفيهي الذي حرصت على أن يكون مصدراً للبهجة الراقية، وتأكيداً لفنّ مصري أصيل يُشاركنا أفراحنا.

فنّ يتلهّف إليه العالم وتُفتح له المدارس والأكاديميات». وتابع البيان: «قرّرت المحطة إرجاء عرض «الراقصة» كما أرجاته قبل أشهر في مثل هذه الظروف».
وكانت المحطة قد أعلنت إلغاء البرنامج إبان حكم الرئيس المعزول محمد مرسي بسبب الهجوم الذي شنّته وقتها التيارات الإسلامية. استندت اللغة المعادية والرافضة لبثّ «الراقصة» إلى شقين: الأوّل دينيّ وأخلاقي اعتبر مجرّد عرضه «طعنة في الإسلام». أما الشقّ الثاني، فرأى بثّ العمل بمثابة منح الفرصة للإخوان للهجوم على «30 يونيو»، إذ اعتاد «الإخوان» نقد مرحلة ما بعد سقوط مرسي ووصفها بـ «الانحلال».
بدا ذلك في الدعاية السلبية لدستور 2014، إذ وصفته الميديا الإخوانية وقتها بـ «دستور الراقصات».

أصدرت القناة بياناً
متلفزاً شرحت فيه أسباب توقيف العمل

بالطبع، كان القائمون على البرنامج يتوقّعون الهجوم من المؤسسة الدينية.
كما أنه طبقاً لتقارير قانونية، لا مانع تشريعياً من العرض باعتباره برنامج مسابقات يشبه كثيراً من الأعمال المذاعة على القنوات المختلفة. وفي مقابل الصلابة والثقة اللتين أبداهما أعضاء فريق البرنامج (الراقصة دينا والسيناريست تامر حبيب وفريال يوسف)، يُرجّح أن يكون مدير «القاهرة والناس» طارق نور قد «نزل عند خاطر» رئيس النظام الجديد، مفوّتاً الفرصة على «أعداء وخصوم تغييرات
يونيو».
يبدو أنّ الأمور في مصر «الجديدة» باتت تسير وفق ما ترتضيه عيون السيسي كما تقول أغنية عبد الرحيم «النور عمّال بيقطع» التي تحكي أزمة انقطاع التيار الكهربائي خلال الآونة الأخيرة. في الأغنية إياها، يشير «شعبولا» إلى أنّ الناس تحمّلوا المشكلة «عشان عيون السيسي كلنا مستحملين». وأصبحت مقولة المطرب الشعبي جزءاً رئيسياً من الخطاب السياسي، إذ سبق أن أوضحت عضوة «الأمانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير» كريمة الحفناوي «أن السيسي يعتمد على مخزون كبير من حبّ الناس»، فيما علّق الإعلامي إبراهيم عيسى: «ما كان يمكن احتمال القرف لولا وجود مظلّة من حب
السيسي».