دمشق | «مش قدرانة فل، ولا قدرانة ابقى»، كلماتٌ مقتضبة علقّ بها السيناريست السوري مازن طه على صورةٍ تشاركها سوريّون كثر عبر صفحات فايسبوك يوم الاثنين. تظهر الصورة الازدحام الشديد على بوّابة الخروج عند معبر «المصنع» على الحدود السورية- اللبنانية، بفعل العنصرية المتصاعدة ضدهم في لبنان. الحديث عن عنصريةٍ يمارسها لبنانيون بحق أشقائهم السوريين النازحين، ليس جديداً لكنه ازداد استعاراً منذ اندلاع الأزمة السوريّة. على خلفية الخطف والذبح الذي طاول عناصر من الجيش اللبناني، تبادل نشطاء أخيراً ملصقاتٍ في مناطق لبنانية عدة، تدعو السوريين إلى الرحيل.
صورٌ نشرها سوريّون آخرون على فايسبوك من باب المقارنة، إلى جانب إعلانٍ في جريدة سوريةٍ تعود إلى حرب تموّز 2006، تحت عنوان «نداء إلى الأسر السوريّة» يدعو القادرين على استقبال العائلات اللبنانية المهجّرة بفعل الحرب، وهذا ما حدث فعلياً وقتها.
تلك المقارنة المريرة يراها سوريون آخرون، غير مجدية، ومنهم المسرحي السوري محمد العطّار الذي توجه إلى اللبنانيين عبر فايسبوك قائلاً: «نحن يا جماعة عم نموت بالبراميل وبالسيوف وبحصار الجوع. شي بدائي كتير يعني، هاد غير الغرق والتشرد في بقاع الأرض. ليش لتعبوا حالكم بأذيتنا فوق كل مشاكلكم! اتفرجوا بس عالأخبار بينشفى غليلكم من السوريين».
من جهتها، أطلقت حملة «بكفي» (حملة مدنية سورية هادفة لإيقاف الحرب والاحتراب في سوريا) صرخة إنسانيةً بعنوان «بكفي عنصرية». وجاء في البيان الذي نشرته الحملة على صفحتها عبر فايسبوك: «بعد نداءات عنصرية أطلقها لبنانيون بحق اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان، وممارسات وصلت إلى حد فرض حظر تجول عليهم في بعض المناطق، عدا الإهانات والشتائم التي تعرض لها عدد من السوريين من قبل بعض المواطنين اللبنانيين، كان لا بد من إطلاق صرخة إنسانية قبل كل شيء من أجل حماية اللاجئين والمواطنين السوريين في لبنان، على مختلف توجهاتهم طالما أنّهم يحترمون قوانين الدولة اللبنانية».
وطالبت «بكفي» السلطات السوريّة «باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المواطنين السوريين في لبنان مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية». وناشدت الحملة الحكومة اللبنانية بإبعاد ملف اللاجئين السوريين «عن الصراعات بين الأطراف السياسية اللبنانية».
«مش قدرانة فل، ولا قدرانة ابقى» تلك الكلمات من الأغنية الفيروزية الشهيرة تلخص حال السوريين اليوم عند الجار الذي لجأوا إليه هرباً من أتون حربٍ ظالمة خارجة عن كل منطق، فبدوا كالمستجيرين «من الرمضاء بالنار»، وسط تنامي العنصرية ضدّهم التي محت كل أثرٍ لمطلع أغنيةٍ فيروزيةٍ أخرى هي «سوا ربينا».