هذا الكتاب الذي أثار جدالاً في تونس واعتبر تصفية حسابات بين وزير من عهد بن علي وآخر من عهد بورقيبة، وأيضاً بين الوزير ورئيس ديوانه (خالد كان وزيراً لديوان بن سلامة)، جاء مدعّماً بالوثائق والأرقام وأغلفة الكتب التي تدعو إلى الجهاد وتروج للأفكار التي تتبناها اليوم تنظيمات «أنصار الشريعة» و«النصرة» و«داعش» و«بوكو حرام»... في أصله، كان الكتاب تقريراً أعده أحمد خالد عام 1986 يوم اشتدت المواجهة بين الاسلاميين والسلطة بناء على طلب مدير الحزب الدستوري الحاكم آنذاك الهادي البكوش. ثم اضطر لتسليمه الى الزعيم الحبيب بورقيبة بسبب غياب البكوش آنذاك.
تضمن الكتاب معطيات دقيقة حول ما أنفقته الدولة لشراء كتب منظري الجهاديين وتوزيعها على المكتبات العامة التي تعدّ المصدر الأساسي لمطالعات الشبان الذين يسهل تأثرهم بـ «الفكر الجهادي».
ويكشف خالد أنّ تغلغل الفكر السلفي وصل الى مؤسسة «بيت الحكمة» إذ اختير أبو الحسن الندوي عضواً في المجلس العلمي للمؤسسة بمقتضى أمر رئاسي صدر عام ١٩٨٣ باقتراح من وزير الثقافة البشير بن سلامة.
يكشف ما أنفقته
الدولة لشراء كتب منظري الجهاديين
والندوي من أبرز منظري المجموعات التكفيرية من أفغانستان الى سوريا والعراق وشمال افريقيا، يدعو إلى التغيير عبر «كفاح عنيف وصراع
شديد».
يتزامن هذا الكتاب مع وقت دقيق تعيشه تونس، مواجهةً التحدي الوهابي والإرهابي، ليغيّر كثيراً من صورة البشير بن سلامة (١٩٨١-١٩٨٦) الذي تحقق للثقافة في عهده الكثير من المكاسب كتأسيس «أيام قرطاج المسرحية» والمعهد العالي للفن المسرحي، والمعهد العالي للموسيقى... لكنّ الكتاب كشف أنّ جانباً كبيراً من ميزانيته صرفها في تمويل بيئة شجعت الإرهاب ورعت بذور هذا الفكر الغريب على تونس وتقاليدها
وثقافتها.