بغداد | «دولة الخرافة» هو عنوان عمل درامي جديد بدأ عرضه أخيراً. المسلسل من إنتاج قناة «العراقية» (شبه رسمية) التابعة لـ«شبكة الإعلام العراقي»، ويندرج في إطار المواجهة المفتوحة التي تخوضها بغداد ضدّ «داعش». لكن محاكاة المواجهة ستكون كوميديّة هذه المرّة، عبر قصّة متخيّلة عن سيطرة التنظيم الإرهابي على مدينة افتراضية، وكيفيّة سير الأمور فيها واصطدام المتشدّدين بالحياة المدنية ومتطلّباتها.
كلّ ذلك في نصف ساعة تُعرض يوميّاً عند التاسعة مساءً على القناة المذكورة، علماً بأنّ «دولة الخرافة» من إخراج علي القاسم، وتمثيل عواطف السلمان، وطه إبراهيم، ووسام عبد الواحد، وخليل إبراهيم، وسولاف جليل، وغيرهم من الفنّانين والشعراء.
متحدّث باسم «العراقية» أكد أنّ تتر العمل الذي أوقف بثّه لاحقاً «جمع ستالين مع الشيخة موزة (والدة أمير قطر)، ودراكولا، والزومبي، والجوكر أثناء حضورهم زواجاً يعقده الكاوبوي الأميركي بين إبليس وإسرائيل في غرفة تعذيب. كنتيجة لهذا الزواج، يخرج من البيضة أبو بكر البغدادي (خليفة «داعش»)، ويبدأ تمارين لتقوية عضلاته بواسطة الجماجم، قبل أن ينتقل إلى المسرح بحضور عرّابي هذا الوليد وصنّاعه الذين يراقبون أداءه. بعدها، يغادر الجمهور المسرح ليُجهز البغدادي على جميع من معه، وتنتهي القصة كغيرها من القصص المثيرة السابقة مثل قصة أسامة بن لادن».
لكن عرض هذا التتر لم يمرّ مرور الكرام. بعد انتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي ويوتيوب، «برزت اعتراضات خليجيّة أثناء انعقاد مؤتمر جدة في أيلول (سبتمبر) الماضي (أعلنت خلاله الحرب على «داعش»)، لجهة تجسيده شخصية الشيخة موزة، ما اضطر جهات حكوميّة عراقية هناك إلى الاتصال بإدارة الفضائية والطلب منها إزالة الإشارة إلى «موزة» من باب التهدئة التي تحاول الحكومة الجديدة انتهاجها»، وفق ما قالت مصادر سياسية مطلعة لـ«الأخبار».
مؤلف العمل ثائر جياد الحسناوي أكد لـ«الأخبار» أنّه «بعد احتلال الموصل (شمال) وبدء التنظيم بالتمدّد في مساحات أخرى، وإيصال الناس إلى مستوى من «الرُهاب» بسبب حرب الشائعات التي استعملها الإرهابيون، قلنا لتكن هناك فكرة قويّة ذات عنوان جاذب توضع ضمن إطار كوميدي، وتهدف إلى تجاوز حالة الخوف، وخصوصاً بين النساء والأطفال»، مضيفاً: «فعلنا ذلك عبر تسخيف أعضاء «داعش» والاقتراب من طبيعة شخصياتهم. نحن نجمع القتلة على مدار التاريخ في عمل واحد، ومن ثم نبث رسالة مفادها: أي دولة هذه التي يقودها متشدّدون وإرهابيون، وبأي قانون يحكمون؟ لذا في بعض الحلقات تنظّم «الدولة الإسلامية» مثلاً مسابقة للركض يقتل فيها المتسابق الداعشي جميع المنافسين ليفوز هو. وكذلك في السباحة، يفوز بعد صعق الماء وقتل الآخرين».
ويظهر أبو بكر البغدادي في العمل، وهو محاط باثنين من مستشاريه، أحدهما قصير القامة، والثاني من رجالات «البعث»، في إشارة إلى دور هؤلاء في التواطؤ والتعاون الذي حصل في الموصل.
حذفت شخصية
موزة من تتر العمل بأوامر حكومية

وبعدما بدأ عرضه الأسبوع الماضي، سُجّلت بعض المآخذ على «دولة الخرافة» تتمحور حول إيقاع الأداء البطيء في أكثر من مشهد، في غياب النجوم البارزين الذين علمت «الأخبار» أنّهم اعتذروا عن عدم المشاركة فيه.
إلا أنّ مشاهد كثيرة كانت ذكية ومشغولة بحسّ تشويقي، منها تأسيس فضائية «دم. بي. شي.»، وتشكيل حكومة داعشيّة بوزارات مثل وزارة الذبح والجزّ، والإشارة المسؤولة إلى رجل الدين المعتدل الذي يرفض هؤلاء ولا نعلم ما مصيره في نهاية العمل. «دم. بي. شي.» تعرض برنامجاً بعنوان «دعش وشعر» الذي استضاف في الحلقة الثالثة من المسلسل شاعراً داعشيّاً هو «أبو جمرة» للحديث عن نظمه لأوّل قصيدة عندما فجّر سيّارة ملغمة قرب مدرسة للأطفال، إضافة إلى وجود محاورة شعريّة بين المقدّمة «دعش» وضيفها. تقول الأولى بالعراقية المحكية: «داعش يا بعد الروح بكليبي لاتجر/ كلش أحبّك حيل لمن تفجر»، فيجيبها الثاني: «أذبح وأفكر بيج يا حلوة العين/ كلّما يمر طرواج أذبحلج اثنين»، بما معناه: «داعش يا أغلى من الروح لا تجرّ قلبي أو تخلعه/ أحبك جدّاً عندما تفجّر... وأذبح وأفكّر بك يا حلوة العين/ كلما يمرّ ذكراك أو سيرتك أذبح اثنين».
صحيح أنّ الاعتراضات على شارة البداية والنهاية كانت كثيرة، غير أنّه أبقي على الكلمات نفسها، باستثناء حذف شخصية «موزة». هذه الخطوة، لم تقلل من نسب المشاهدة، من دون أن ننسى تحوير أغنية «داعش» بعنوان «يا عاصب الراس وينك» إلى «يا كاطع الراس وينك»، وفيها: «حرمنا كلشي أباحي إلا جهاد النكاحي يا كاطع الراس وينك، كلمن يخالف نجلده/ نقبض على الراس شده»، أي: «حرّمنا كل شيء اباحي إلا جهاد النكاح/ يا قاطع الرأس أينك؟، كلّ من يخالف نجلده/ نقبض على الرأس مجموعة». (الروابط متوافرة على موقعنا).