لا جديد يذكر عند بعض الأقلام التي امتطت صهوة «الثورة» السورية، لتنال ما كانت تحلم به من لقب «ثائر». ولا ضير إن كان هذا «الثائر» يدير ثورته من مكان إقامته الجديد في إحدى الدول الأوروبية، لكنّ الأقلام إياها تخطت كلّ الحدود، ولم يعد يردعها عداد الموت الذي يزداد كل يوم، ولا كمية التحريض الذي قد تساهم مقالاتها الحاقدة في زيادة جرعاته. المهم أنّ هؤلاء يعيشون مع عائلاتهم على بعد أميال من النار المستعرة في دمشق. ومهما تأججت، فلن تطاولهم. على هذه الهيئة، لاحقت بعض الأخبار الفنان السوري فايز قزق، متسائلة عما «يمكن أن يفعل لاجئ سوري هارب من وحشية نظامه حين يجد جلاده (في إشارة إلى فايز قزق) ــ الصورة) أمامه في مخيم اللجوء» كأننا أمام أحد زعماء الحرب المسؤول عن مجازر وجرائم نفذت بحق أطفال، وقد قرر الهرب من تاريخه الأسود لتقبل دولة أوروبية طلب لجوئه وتحميه بحسب المقالات تلك.

أما السبب، فلأن «اللجوء صار مطمعاً يسابق الجلادون ضحاياهم إليه». ولا تلبث أن تجد تلك العقول النيرة مخرجاً من اتهامها وتحريضها على فنان سوري معروف بالقول: «صحيح، لم يحمل قزق سلاحاً، لكنه من غير شك واحد من فنانين ومثقفين كثر مهدوا الطريق للنظام كي يرتكب مجازره، وساهموا في تبريرها». ثم تتمنى أن تكون الأماكن الجديدة بما تملكه من قوانين طريقة لتهذيب اللاجئين. طبعاً لا يمكن محاكمة تلك الكتابات على غياب المهنية، ولا يمكن سؤالها عن الحد الأدنى من الأخلاق الذي يملي عليها التأكد من صاحب العلاقة عن صحة هجرته إلى السويد، والوقوف على حقيقة الخبر، طالما أنّ تلك الكتابات حلّت مكان القاضي الجائر الذي يحاكم غيابياً، فيطلق حكم التورط في جرائم حرب بحق الإنسانية، ويضفي صفة الجلاد على ممثل لم يسبق له أن تعدى حدود الكلمة والفن. علماً أنّه حتى أعتى المحاكم في العالم تعطي فرصة للمتهم كي يدافع عن نفسه، لكن في مدرسة صحافة الغل، لا مكان لغير بث السموم بما تيسر لها من سرعة. اللافت أن نجم «رسائل شفهية» نفى في اتصاله مع «الأخبار» كل ما جرى تداوله على نطاق واسع في صحف ومواقع عربية عن هجرته إلى السويد. ورأى أن سبب هذه الهجمة من أساسها رغبة في تصفية حسابات شخصية معه. وأضاف: «من يود أن يكون في ضفة الحق، فلا بد من أن يسمع شهادتي. وبالنسبة إلي، سأقولها صراحة وعلناً: لن أبدل وطني بجنان الخلد، ودمشق بالنسبة إليّ أكثر من وطن، وسأعود إليها حال انتهائي من زيارتي لزوجتي وابني.
وسيبقى جواز سفري الوحيد الذي أحمله وأجول فيه كل مكان في هذا العالم هو الجواز السوري ليس إلا».