القاهرة | الرسالة الأهمّ التي خرج بها اجتماع رؤساء تحرير الصحف المصرية أوّل من أمس كانت للسلطة، وملخّصها: نحن معكم. نؤيّد خططكم وندعم الإجراءات التي تتخذها الدولة «لمواجهة العناصر الارهابية، وحماية ميزان القوى للبلاد في إطار الدستور والقانون». ذلك الكلام جاء وفقاً للبيان الذي صدر عن الاجتماع، الذي ترأسه نقيب الصحافيين ضياء رشوان، وحضره رؤساء كبرى الصحف وأوسعها انتشاراً. اللحظة كاشفة: الصحف التي دعمت دولة ما بعد «30 يونيو» تصرّ على موقفها، بل تعلنه على الملأ هذه المرة.
لا أحد يفهم لماذا اجتمع رؤساء تحرير الصحف الحكومية والخاصة والحزبية لأكثر من ساعتين في مقرّ حزب «الوفد الجديد»، أحد أقدم الأحزاب المصرية. هل اجتمعوا ليعلنوا رفضهم للإرهاب؟ أم لإعلان دعمهم لقرارات الدولة في مواجهة تلك التنظيمات؟ إن كان هذا أو ذاك، فما علاقة ذلك بأصول المهنة والتغطية الإخبارية للأحداث؟ في البيان الصادر عن الاجتماع، نقرأ: «يلتزم الحاضرون التوقّف عن نشر البيانات الصادرة التي تدعم الإرهاب، وتدعو إلى تقويض مؤسسات الدولة على نحو مباشر أو غير مباشر»، كما نصّ على «التعامل بموضوعية ومن دون مبالغة مع أخبار التظاهرات التخريبية لجماعة الإخوان داخل الجامعات وخارجها». تزداد الأسئلة: هل ما جاء في الفقرة السابقة يعني أن هناك تعاملاً غير موضوعي ومبالغاً به وتضخيماً في التغطيات التي تقوم بها تلك الصحف خلال الفترة الماضية؟ هذا إضافة إلى التساؤل عن كيفية التعامل مع تلك البيانات التي وصفها البيان بـ «الداعمة للإرهاب»، التي لم يحدّد شكل دعمها وكيفيته. البيان الختامي للاجتماع جاء فيه أيضاً «يؤكّد المجتمعون حرصهم الشديد على حماية حرية الكلمة وتحقيق أهداف ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو». غير أنهم يجدّدون رفضهم لكافة محاولات التشكيك في مؤسسات الدولة، وفي خياراتها الأساسية أو التطاول على الجيش أو الشرطة أو القضاء، بما ينعكس سلباً على أداء هذه المؤسسات». كلمة التطاول المستخدمة في الفقرة السابقة، كثر استخدامها في الفترة الأخيرة من جانب السلطة أو المؤيدين، ويُتهم بالتطاول من يوجّه أيّ انتقاد للدولة أو مؤسساتها أو المسؤولين.
اجتماع لرؤساء تحرير الصحف
يعيد إعلام التعبئة العامة


اتفق المجتمعون أيضاً على وضع خطط وآلية للتنسيق المشترك بينهم «لمواجهة المخططات الإرهابية»، وكذلك «السعي إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة هذه المخططات، التي من شأنها منع تسلّل العناصر الداعمة للإرهاب إلى الصحافة ومواجهة الثقافة المعادية للثوابت الوطنية».
ولم يفت الحاضرين تأكيد دعمهم الكامل لـ «المشروع الوطني المصري في إعادة بناء الدولة الوطنية الحديثة، الذي يقوده الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر واحترام حقوق الإنسان وعدم التمييز ومواجهة الفساد واستكمال خارطة الطريق.» وفقاً لنصّ البيان.
نقيب الصحافيين ضياء رشوان قال إن النقابة ستتولّى عقد لقاء مشترك يضمّ رؤساء القنوات الفضائية ورؤساء تحرير الصحف لوضع خطة إعلامية مشتركة، وتحديد خطاب إعلامي يجري تبنّيه خلال الفترة المقبلة لمواجهة الإرهاب. عضو مجلس نقابة الصحافيين خالد البلشي، رأى أن هذا الاجتماع وما سبقه من بيان «غرفة صناعة الإعلام» و»اتحاد الاذاعة والتلفزيون» (الأخبار 27/10/2014) ما هو إلا «إعلان رسمي بتأميم الإعلام ومصادرة حرية الصحافة». وشدّد على أن الأزمة انتقلت من مرحلة مصادرة الصحف وتقييد حرية الصحافة إلى مصادرة المهنة نفسها و»لكن بأيدي أبنائها» حسب البلشي. وأضاف أن «ما يجمع بين البيانين هو عودة إعلام التعبئة العامة بدعوى الحرب على الإرهاب». وأنهى البلشي بيانه برسالة إلى أصحاب البيان، أكد فيها أن مواجهة الارهاب «لن تجري إلا بصحافة حرّة تكشف مواطن الخلل وتفضح الإرهابيين ومخططاتهم لا بالتغطية عليها وتحويل مهنة الصحافة إلى ملفّ أمنيّ آخر». بعد الإعلان عن بيان رؤساء التحرير، نشر صحافيون أسماء من شاركوا في هذا الاجتماع، تحت عنوان «تذكّروهم سنحتاج إلى مراجعة تلك الأسماء بعد قليل». الاجتماع ترأسه نقيب الصحافيين ضياء رشوان، وحضره رئيس تحرير «أخبار اليوم»، ورئيس تحرير جريدة «الأهرام»، ورئيس تحرير جريدة «الجمهورية»، والجرائد الحكومية الأوسع انتشاراً. ومن الصحف الخاصة حضر رئيس تحرير «المصري اليوم»، ورئيس تحرير «الشروق»، ورئيس تحرير جريدة «الوطن»، ورئيس تحرير جريدة «اليوم السابع»، ورئيس التحرير التنفيذي لجريدة «التحرير»، ورئيس تحرير صحيفة «الفجر»، ورئيس تحرير جريدة «الاسبوع»، ورئيس تحرير جريدة «الوفد»، ورئيس تحرير جريدة «الخميس».