لطالما حامت الشبهات حول العلاقة بين الوجوه السلفية المتشددة وبعض وسائل الإعلام اللبنانية. وجوه تخرج كل فترة لتهدّد السلم الأهلي الهشّ عبر إزكاء الفتنة المذهبية. شكلت هذه الشخصيات المتطرفة أوكسجين التلفزيونات بغية تحقيق سبق صحافي ورفع نسب المشاهدة. ولعلّ أمثلة كثيرة يمكن استحضارها في هذا المجال لا سيما في الأوقات الحرجة التي شهدها لبنان كالتفجيرات الإرهابية المتنقلة بين المناطق، والمعارك التي خاضها الجيش اللبناني في وجه الإرهابيين.
اليوم، تطرح قضية مصادرة أكوام الأسلحة من منزل والد الشيخ بلال دقماق في منطقة أبي سمرا (طرابلس) وتضارب الروايات بشأن مالكيها وأسباب امتلاكها، وآخر «تجمعيها وتخبئتها لمنع الفتنة والاقتتال» وفق دقماق الذي قال بأنّها تعود في الأصل الى الشيخ السلفي الشهال. هذا المظهر الملائكي الذي تقمّصه دقماق والشهال، شاهدناه أخيراً على أكثر من شاشة. سمعنا الشهال على «الجديد» ليل أول من أمس في اتصال هاتفي من السعودية حيث يوجد حالياً. «أوضح» للرأي العام أنّ القضاء يتعامل «باستنسابية وبطائفية» وطلب من الجميع «شكره» لأنه منع الفتنة ومن الجيش إعادة الأسلحة إليه! على خطاه، سار دقماق الموجود حالياً في تركيا الذي اتصلت به otv.
إقبال القنوات
مجدداً على بلال دقماق والشهال
قال دقماق إنّ الموجود عنده «كم بندقية» و»مخازن سلاح 8 آذار مليئة بالسلاح». ولمحت مراسلة المحطة لارا هاشم الى أنّ «أوساطاً أمنية حذرت من عمل أمني في منطقة أبي سمراء». دقماق أيضاً كان حاضراً في تقرير «الجديد» المعنون «من هو الشيخ بلال دقماق؟» الذي عرض ضمن النشرة الإخبارية المسائية أول من أمس. تقرير بدأ بالتبشير «بتهاوي» الشخصيات المشابهة لدقماق «وكشف الغطاء عنها». وأطل دقماق مجدداً ليقول بأنّ السلاح أتى «لمنع أي فتنة». في نهاية التقرير، قدمت معدّته يمنى فواز نبذة عن دقماق «الابن المدلل لوزير العدل أشرف ريفي الذي كان يقدم مساعدات الى المنشقين من الجيش السوري». طبعاً هنا يبرز انفصام واضح في أداء «الجديد» الذي «دئب» طيلة الفترة الماضية على استضافة هذه الوجوه التي تمعن في بث التحريض والأمثلة كثيرة. ومثله lbci التي اتصلت بالشهال، فربط وجود الأسلحة «بالدفاع عن النفس وسط الفلتان الأمني». قبل هذا التقرير، أفردت المحطة هواءها لزوجة المطلوب على خلفية المعارك الأخيرة في طرابلس خالد حبلص التي قالت: «بدن يخرسوا كلمة الحق بس لأنه خالد حبلص عم دافع عن شباب السنة». ولم تتخذ المعدة هنا أية مساحة نقدية بل صوّر التقرير ضمن السبق الصحافي الذي قامت به المحطة!
ظهور هذه الوجوه عند كل مفترق على الشاشات، يعيد السؤال: هل يحق لوسائل الإعلام فتح الهواء لمطلوبين ومحرّضين؟ محامي «مهارات» طوني مخايل يجيبنا بأنّ القانون لم يقر أية مادة واضحة بخصوص هذه الإطلالات، وفرّق بين الظهور داخل الاستديو أو عبر الاتصال الهاتفي، فالاستضافة داخل المحطة لمطلوبين تعتبر بحسب النصوص الجزائية «تغطية على أشخاص مطلوبين» أو «تأمين المساعدة لهم». لكن يبقى الشق الأخلاقي الإعلامي الذي يمنع فتح الهواء لهم كما قال و»تأمين الدعم المعنوي لهم بطريقة غير مباشرة عبر استجدائهم الرأي العام وتجييشه للضغط على القضاء”.