القاهرة | في مفاجأة من العيار الثقيل، أعلنت «مؤسسة المورد الثقافي» وقف أنشطتها في مصر خلال المرحلة الراهنة اعتباراً من بعد غدٍ الأحد. كما أعلنت أنّ برامجها الإقليمية ستستمر في العمل خارج مصر بالتعاون مع منسقيها في مختلف الدول العربية.
ووفق متابعين للمشهد الثقافي والسياسي المصري، فإنّ المؤسسة تحاول النأي بنفسها عن الصراع السياسي والأزمات الأمنية التي تشهدها المحروسة حالياً، خصوصاً مع تصاعد نبرة العداء ضد كل تمويل يأتي من جهة غير حكومية كمنظمات المجتمع المدني والهيئات غير الربحية، بذريعة أنّ هذه الأموال تُنفق لـ«دعم وتمويل الإرهاب» كما يتردّد في وسائل اعلام كثيرة. هذا الأمر يضع هذه المؤسسات ومن يحصل على منح منها في موقف صعب لدواع أمنية لا تنتهي.
كذلك، فإنّ الحكومة المصرية كانت قد تقدّمت منذ فترة وجيزة بمقترح قانون خاص بالجمعيات الأهلية وصفه بعض المراقبين بأنّه «يهدد عمل المنظمات التي تتلقى تمويلاً أجنبياً». ربما هذا يوضح خوف «المورد الثقافي» من مواجهة صعوبات في عملها في مصر حالياً. وقد أثار هذا القرار قلق الكثير من الشباب المبدعين الذين كانت لديهم الفرصة في الحصول على منح وتمويل للعمل على مشاريعهم الإبداعية والثقافية المنوّعة.
مصدر هذا الخوف هو نظرة الدولة إلى التمويل الآتي من منظمات المجتمع المدني على أنّه تمويل أجنبي، ومن يحصل عليه يُتّهم مباشرة بالخيانة والعمالة. وهو ما تترتب عليه إعاقة الكثير من المبدعين المصريين عن استكمال نشاطاتهم الإبداعية في ظل ضعف التمويل، بل انعدامه من المؤسسات الثقافية الحكومية بمستوياتها كافة. علماً أنّ «المورد الثقافي» مؤسسة ثقافية عربية غير حكومية وغير ربحية. بدأت عملها عام 2004، وتلعب دوراً في تأمين تمويل لمجموعة من المبادرات الثقافية المهمة في المنطقة العربية، كما أنّها تُسهم في تنشيط الحوار بين المثقفين والفنانين وتشجيعم على التعاون، إضافة إلى إلقاء الضوء على التجارب الفنية المهمة وتقديمها لجمهور واسع. أهم ما يميّز هذه المؤسسة هو المرونة، إذ تلبي احتياجات الفنانيين والمثقفين المستقلين والمحترفين الذين يعملون من دون دعم رسمي وخارج الإطار التجاري السائد. ويرجّح أن تنتقل المؤسسة إلى تونس. هذا القرار ربما يدفع الأوساط الثقافية للسؤال مجدداً عن مدى تقبّل النظام الحالي لعمل منظمات المجتمع المدني على اختلافها، وإلى متى ستستخدم الدولة ذراعها الأمنية في التضييق على حرية الإبداع بينما يعجز الجهاز الحكومي عن احتضان أو دعم مبادرات الشباب.