تجهد المغنية المغربية دنيا بطمة (1991 ــ الصورة) (فازت بالمرتبة الثانية في برنامج «أراب آيدول 1» (mbc) عام 2011) لإعطاء الضوء كاملاً لألبومها الأوّل الذي حمل اسمها (إنتاج «بلاتنيوم ريكوردز»)، وأطلقته منتصف تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي. من ارتداء ملابس مثيرة، إلى إطلاق الشائعات حول نفسها، وصولاً إلى الهجوم القاسي على النجم الفلسطيني محمد عسّاف (راجع المقال أدناه).
لكن ماذا عن الألبوم نفسه؟ هل نجحت صاحبة الإرث العائلي الفني في الوصول إلى جمهورها الذي تحصّلت عليه بعد مشاركتها في برنامج الهواة؟ تعاملت دنيا مع العديد من الكتاب والملحنين العرب المعروفين عربياً وخليجياً. تقترب أغنيتها الجميلة «أمي دعيتلي» (كلمات خالد عوض، وألحان بدر الذوادي) ذات الروح الخليجية بشكل مباشر من المستمع العربي، لا الخليجي فحسب. فلحنها سريع وقريب من الألوان التي يقدّمها فنانون معروفون على غرار كاظم الساهر، وإليسا، ويارا. أما في أغنية «فاقد حنانك» (كلمات الأماني، وألحان طارق بخش) الخليجية البحتة، فتحاول دنيا إظهار موهبة صوتها الشجي الحنون، مستعملةً عرباً وقفلات مميزة، تذكّرنا ببدايات المغنية السورية أصالة نصري.
يضمّ 16 أغنية، ويُعاب
عليه التكرار
يمكن القول إن «حبك عسل» (كلمات عبد الله بندي، وألحان حسام كامل) قد تلعب دور الجوكر في الألبوم. فهذا النوع من الأغاني الراقصة يمكن أن يشدّ الناس، لكن من دون أن تحظى بأيّ ضجة إعلامية فلا يسمعها أحد. في أغنية «يا قلبو» التي كتبها أحمد علوي ولحّنها بدر الذاودي، يحاول الأخير أن يجعلها مشوّقة بالتعبير الموسيقي للأمر، ما قد ينجح قليلاً لأنّ الأغنية تشبه غيرها في الألبوم لجهة الجو. لكن تكمن إشكالية الأغنية في طولها (حوالى الخمس دقائق).
من جهتها، تأتي أغنية «ماشي شغلي» (كلمات وألحان وتوزيع جلال الحمداوي) مغربية بامتياز، لناحية اللحن السريع والكلمات ذات اللكنة المغربية، ولكن باللهجة البيضاء. ومن كلمات بوتركي وألحان محمد جناحي، تأتي أغنية «أسامح» التي تواجه إشكالية تنافسها مع معظم الأعمال الخليجية ذات الألحان الراقصة التي يتضمنها الألبوم، علماً بأنّ صوت دنيا في هذه الأغنية أقرب إلى صوت مواطنتها سميرة سعيد.
كذلك، هناك «على فكرة» (كلمات عبد اللطيف آل الشيخ، وألحان عصام كامل) التي يظهر فيها منذ البداية أثر الملحّن المصري، وتبدو هادئة. أغنية «هي كذا» (كلمات إبراهيم بن سواد، وألحان خالد) تشكّل مساحة لإظهار مهارات المغنية في لعبة الجواب والقرار الشهيرة. وهي قريبة من الجو الخليجي التقليدي عبر الألحان البسيطة المرتكزة على الآلات النقرية.
في «مش فارقة» (كلمات عاصم حسين، وألحان محمد الطوخي)، نلاحظ مجدداً راحة الفنانة الشابة في التعامل مع الملحن المصري. ولعلّه الأقرب إلى طبيعة صوتها الذي نجده متماسكاً بوضوح.
من جهتها، تأتي أغنية «أعدل الحس» (كلمات عبد اللطيف، وألحان حمد خضر آل الشيخ) بروح خليجية، مع بعض اللمسات من التراث الشرقي. دنيا تجيد هذا النوع من الغناء، لكنّها بالتأكيد ليست في بيئتها الفضلى، وكان من الممكن أن تؤدّي بزخم أكبر أو صوت أقوى، لكنها تفادت التعثّر بمطبات أرض لا تعرفها جيداً.
الأغنية الثانية التي لحّنها لها حمد خضر هي «لا تروح» (كلمات أسير الرياض). ولا شك في أنّ الملحّن حاول قدر الإمكان الابتعاد عن اللحن الخليجي المعتاد، وإن لم يوفّق كثيراً، فبدت الأغنية الأكثر ضعفاً في الألبوم، ويذكّر جوّها بالجلسات الخليجية الشهيرة. فدنيا تغنّيها كما لو أنّها جالسة فعلاً، فيأتي صوتها مضغوطاً.
أما تعاون بطمة الأكبر في هذا الألبوم فكان مع الملحّن المحب في ثلاث أغنيات، هي «توك تجي» (كلمات محمد بن بدر)، و»في تالي الليل» (كلمات عبد الله البندري) التي لا تقدّم جديداً في الألبوم، وتبدو الموسيقى متكرّرة ومعتادة. أما الأغنية الثالثة فهي «من متى» (كلمات أحمد العلوي) التي تحاول من خلالها تقديم روح جديدة، فتعطي صوتها مساحات أكبر، لكن جو الأغنية والكورس لم يمكنها من النجاح في هذه التجربة.
بالتأكيد، تعاني «هني هني» (كلمات عبد السلام بن سورا، وألحان حسام كامل) مشكلة في الموسيقى، إذ يبدو اللحن مصنوعاً على عجل، وهناك الكثير من التفاصيل غير الضرورية والوصلات الموسيقية التي لا يحتاج إليها العمل. وتحاول أغنية «إي تحبني» (كلمات خالد بن طوار، وألحان بدر الذوادي) استعارة أغنية «حبّ إيه» لأم كلثوم، فتستعمل شطرها الأوّل كبداية، ولكن اللحن بدا كارثياً.
يذكر أنّ دنيا تعاملت في توزيع أغنيات ألبومها مع سيروز، وأحمد أسدي، وحسام كامل، وهشام السكران، وأسامة الهندي، ويوسف المال وسلطان، ومهند خضر، ومحمد مصطفى وعادل الفرحان.
«دنيا بطمة» ألبوم يستحق السمع حتى لمن لا يهوى الأغنية الخليجية، لكن يُعاب عليه التكرار بعض الشيء، وعدد الأغنيات الكبير الذي وصل إلى 16.