إذا كانت السينما المصرية المشاركة في «مهرجان القاهرة السينمائي» متنوعة، وحملت روحاً تجديدية، فالسينما العربية تفاوتت تجاربها وشاهدنا أعمالاً أقرب إلى التجارية مثلما هي الحال مع الفيلم الإماراتي «من ألف إلى باء» لمصطفى على، و»استريو» للفلسطيني رشيد مشهراوي الذي لم يختلف كثيراً عن عوالم أفلامه السابقة. أما «ذيب» للأردني ناجي أبو نوار فيعدّ تجربة مهمة في السينما العربية نظراً إلى خصوصيته وتميزه. وشهد عرضه حضوراً جماهيرياً غير مسبوق في المهرجان.
يؤرخ «ذيب» لسينما أردنية جديدة ومختلفة على مستوى الحكي والصورة. هو أقرب إلى أفلام «الويسترن» المصنوعة عن عالم البدو والصحراء. وهناك أيضاً فيلم «عيون الحرامية» لنجوى نجار الذي تدور أحداثه حول أب فلسطيني من رام الله يدخل السجن عشر سنوات ويخرج ليجد أن زوجته ماتت وابنته عرضت للتبني، فيبدأ رحلة بحث عنها بين رام الله ونابلس في الضفة الغربية المحتلة. «عيون الحرامية» الذي عُرض ضمن المسابقة الدولية، هو الفيلم الروائي الطويل الثاني لنجار الذي اختارته وزارة الثقافة ليمثل فلسطين في المنافسة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي. تناقش نجوى نجار هنا الصراعات الداخلية لشخصيات فيلمها نتيجة خياراتها في الحياة، خصوصاً البطل طارق الذي يجسد دوره الممثل المصري خالد أبو النجا. يحاول طارق أن يوازن بين مواقف سياسية دفع ثمناً لها حياته كزوج وأب، وبين رغبته في استعادة تلك الحياة بالعثور على ابنته المفقودة. وتقترب المخرجة الفلسطينية من شخصياتها بشكل انساني لتعرفها عن قرب، وتتوحد مع قضيتها وتسلط الضوء على معاناتها. ورغم أن الفيلم يطرح قضية بيع المياه في الأراضي المحتل من خلال ذلك الفلسطيني الثري الذي يتواطأ مع العدو، إلا أن الفيلم زخر بمشاهد كانت تحتاج إلى اختصار. كما استسلمت نجار إلى الصور النمطية المكررة عن العيش تحت وطأة الاحتلال. الجميل في العمل طزاجة مشاركة النجمة والمغنية الجزائرية سعاد ماسي مجسدةً دور امرأة فلسطينية وحيدة مقهورة، تربي ابنها وفتاة بالتبني، وتعاني من وطأة الاحتلال وتسلّط رب العمل المتواطئ مع العدو الذي يرغب في الزواج بها قبل أن تلتقي طارق الذي تشعر أنه حبها المفقود. وعلى رغم عدم إجادة ماسي للهجة الفلسطينية، إلا أنّ الفنانة بحزن عينيها وتعبيرات وجهها، قدمت دورها بشكل جيد. «عيون الحرامية» فيلم يحمل المعاناة، لكن فيلم نجوى الأول «المر والرمان «كان أكثر جمالاً وتميزاً في لغته البصرية وحبكته الدرامية.