تخللت رحلة الراشد في المحطة الكثير من المد والجزر (راجع الكادر) إلى أن قرر أخيراً غلق الباب خلفه والتفرّغ للمشاريع التي يديرها، منها شركته Ortv للإنتاج الإعلامي التي تُعنى بإنجاز أفلام وثائقية متنوّعة. لكن يتمّ الحديث حالياً عن مشاريع سياسية عدة تنتظر الراشد. تحكي بعض الأوساط السياسية مثلاً أنّ السلطات السعودية تستعدّ لتعيينه وزيراً للثقافة والإعلام، لكنها لم تتخذ القرار النهائي بعد، أو على الأقل لم تخرجه إلى العلن. وفي حال صدقت تلك التوقعات، فإن الراشد سيكون خلفاً لبندر بن محمد بن حمزة أسعد حجار الذي كلّف بمهمات الوزارة بعد تنحية عبد العزيز خوجة من منصبه أوائل الشهر الجاري. في المقابل،
يحكى عن نية لتعيينه وزيراًتشير مصادر أخرى إلى أنّ شخصية الراشد مثيرة للجدال في المملكة، لذا تستبعد استفزاز الخط المتشدد في المملكة بهذا التعيين، لكنّ هذا لا يمنع تعيينه في منصب استشاري.
للثقافة والإعلام في السعودية
بشكل عام، يُطلق على عبد الرحمن الراشد تسمية «أبو الإعلام الجديد» في السعودية، في إشارة إلى «تحرّره» النسبي ودعمه للشباب الإعلامي السعودي. ويُعرف الراشد بهجومه الدائم على رجال الدين المتشدّدين، لكنّه لم يخرج يوماً من عباءة القرار السعودي بل هو منفّذ له. ويواظب في زاويته شبه اليومية في صحيفة «الشرق الأوسط» على مهاجمة «قوات الأسد» وحلفائها. خلال فترة عمله في «العربية»، دأب الراشد على استقدام أكبر عدد من الشباب السعودي إلى داخل المحطة، ووضعهم في المناصب الاستراتيجية ضمن خطة «سعودة» المحطة. من هذا المنطلق، درّب الراشد مواطنه عادل الطريفي ليكون خلفاً له بعدما شغل منصب نائب المدير العام لأشهر عدّة. ووجد الراشد أن الطريفي يستحقّ كرسي «العربية» مكانه. وكان الطريفي يرافق الراشد في مختلف تحرّكاته، ويلازمه في المناسبات الاجتماعية والرياضية. لذلك يعتبر «الابن» الذي رباه الراشد إعلامياً وفكرياً وسياسياً أيضاً. كما أن السعوديين هما من المدرسة الصحافية ذاتها. في عام 1998 عُيّن الراشد رئيساً لتحرير جريدة «الشرق الأوسط» اللندنية (واستقال منها لاحقاً) مبقياً على زاويته. وفي الأول من كانون الثاني (يناير) 2013، جلس الطريفي على مقعد رئاسة تحرير «الشرق الأوسط». إذاً، كل المؤشرات تدلّ على أن الطريفي هو استمرار للراشد لا أكثر. واللافت أن الطريفي يبلغ 35 سنة (1979)، لكن تعيين شاب في هذا المنصب ليس جديداً على الشبكة السعودية. في عام 2012، تّم تعيين الاعلامي الثلاثيني فيصل عبّاس رئيساً لتحرير النسخة الإنكليزية من موقع «العربية. نت». وكانت mbc قد وزّعت قبل ثلاثة أيام بياناً صحافياً على مختلف وسائل الإعلام كشفت فيه أنّ رئيس مجلس إدارة مجموعة mbc وليد بن إبراهيم آل إبراهيم عيّن الراشد عضواً في مجلس إدارة المجموعة، «ليُصار بذلك إلى الإفادة من خبرته العملية والإدارية لما فيه مصلحة المجموعة» وفق البيان. لكن يبدو أن المهمات الجديدة لعبد الرحمن هي صورية لا أكثر ولا صحّة لتعيينه في مركز جديد، بل إن mbc حاولت أن تثبت للإعلام أن استقالة الراشد جاءت حبياً، فيما هو يحضّر ربما لانطلاقته السياسية.
باختصار، سلم عبد الرحمن رسالته إلى مواطنه الطريفي الذي سيحاول جاهداً ألا يخيّب آمال معلّمه الأول. ومن المتوقع ألا يحدث الطريفي تغييرات في «العربية» باستثناء استقدام أكبر عدد من السعوديين للعمل في القناة وتطبيق أجندتها السياسية بالحذافير.
محاولات إقالة
شهدت الأعوام الخمسة الأخيرة اقالات عدة لعبد الرحمن الراشد من منصبه كمدير عام للمحطة، لكن جهات سعودية عليا كانت تتدخّل لإبقائه (الأخبار 17/9/2010). وتكشف مصادر أن وقف الإقالة كان بسبب قرب الراشد من الملك السعودي عبد الله بن عبدالعزيز، كما كان بعضهم يرى أنّ استقالة الصحافي بمثابة هزيمة للملك شخصياً، وللخط «الليبرالي» داخل السعودية، لكن يبدو أن قرار وليد آل إبراهيم مالك قنوات mbc بالموافقة على استقالة الراشد، جاء بعدما أوجد خلفاً له، وهو عادل الطريفي، الذي يعد اليد اليمنى للراشد.