تعقيباً على مقال الزميل عبد الرحمن جاسم «سامي خياط: علقنا بالقنينة» (راجع «الأخبار 25/11/2014)، وردنا من الفنان والممثل المعروف سامي خياط الرد التالي: شكراً للأستاذ عبد الرحمن جاسم لحضوره مسرحيّتي «قرف»، وللتعليق عليها بأسلوب نقدي مُحترف، أود فقط في هذا الكتاب أن أصحّح بعض الأخطاء التي وردت في مقاله، عن مضمون بعض المشاهد، رُبما لعدم وصول الفكرة بصورة واضحة إلى مسمعه. مسرحيّتي مليئة بتقليد اللهجات كاللهجة الأميركيّة والفرنسيّة والألمانيّة واليابانيّة والهنديّة والإيطاليّة والإسبانيّة والصينيّة...

كما والعربيّة طبعاً، ولكن لست أدري لماذا اعْتَقَدَ الاستاذ جاسم أنّ هذا التقليد للّهجة السوريّة والفلسطينيّة وقوع في العنصريّة. هذا المشهد لم يستمر سوى 50 ثانية، حيث يسأل عابر سبيل عن عنوان «مسرح مونو»، فهو لم يَرَ أمامه سوى شخصين أجنبيّين يرشدانه إلى العنوان المقصود، ويعطيانه أيضاً معلومات عن عدد المقاعد الفارغة الباقية للدلالة على أنهما يعرفان الأمور أكثر من اللبنانيين. هذا الواقع يشهده اللبناني كلّ يوم، فما المانع من التعليق عليه بطريقة فكاهيّة؟
أمّا عن المواطن الهندي الذي يبحث عن المال بعدما لم يحالفه الحظ في دبي، فرغب في الذهاب إلى لبنان حيث هناك much money بحسب اعتقاده، وهذا أيضاً واقعي وأيضاً طبيعي عند الشعوب الفقيرة كبلاد الهند وغيرها، حيث الهجرة للعمل وكسب لقمة العيش هاجس وطني.
أنا أنتصر للبيئة وللحيوانات،
فكم بالحري للإنسان؟



أمّا القول بأنني لم أسخر من الفرنسييّن للإيحاء بأنني أظلم الشرق وأنصف الغرب، فهذا أيضاً غير صحيح. مدّة المشهد الانتقادي عن فرنسا تتجاوز ثلاث دقائق، وفيه انتقاد لقرار غريب عجيب لم يعلّق عليه أحد حتّى الآن، ويقضي بالغاء عبارة مادوموازيل mademoiselle واستبدالها بمدام madame للدلالة على أي فتاة أو امرأة بحجّة المساواة مع الرجال. لهؤلاء عبارة واحدة فقط هي موسيو monsieur التي لا تُضيء على صفة الرجال لا بالعزوبيّة ولا بالزواج بعكس ما تنعم به النساء من دلالات على أحوالهن الشخصيّة.
ثم أنتقل الى التناقض الذي يعتري قراراً مماثلاً، اذ إنّ قواعد اللغة الفرنسيّة تسمح للمذكّر بالتفوق على المؤنّث (Le masculin l›emporte sur le féminin) فأين المساواة اذاً؟ وأنهي المشهد بالقول إنّ الفرنسييّن ينتقدوننا لأن ليس لدينا رئيس للجمهورية حتّى الآن، فيما نحن اللبنانيّين قد انتخبنا فعلاً رئيساً للدولة هو بابا نويل (في الاسكتش السابق) وبابا نويل هو أفضل من.... فرانسوا هولاند!
هذا بكلّ بساطة فحوى بعض المشاهد التي وصفها الأستاذ جاسم بالعنصريّة، مضيفاً أنّني لم أكن رُبمّا أنوي ذلك بحسب تعبيره، وهو مشكور على هذه الالتفاتة.
لم أكن في حياتي عنصرياً، فأنا انتصر للبيئة وللحيوانات، فكم بالحري للإنسان؟
كما وأفتخرُ بأنّ مسرحي يشاهده منذ 55 عاماً الكبار والصغار والعائلات من كلّ الأطياف والجنسيّات والمذاهب، وأحرص دائماً على كتابة النصوص بكلّ تهذيب واحترام، وسيؤلمني كثيراً ان يبقى الانطباع المعاكس راسخاً في أذهان قرّاء جريدتكم الغراء، كما سيؤلمني أكثر اذا ما أُهمِلَ كتابي هذا.