تتواصل عروض الدورة 21 من «مهرجان السينما الأوروبية» مشكّلة نافذة استثنائية وثمينة للإطلالة على لحظات سينمائية خالصة مع أعمال تتوغّل في المآزق الراهنة وتستعيد محطات تاريخية مفصلية. اليوم، يعاد عرض شريط «فاليسا: رجل الأمل» للمخرج البولندي المعروف أندريه واجدا في «متروبوليس أمبير صوفيل». العمل سيرة للرئيس البولندي السابق ليخ فاليسا (1990 -1995) الحائز جائزة «نوبل» للسلام عام 1983.
بدأ حياته ككهربائي قبل أن يشارك في تأسيس «تضامن» أول نقابة عمالية مستقلة ويترأس ثورة الحركة العمالية التي ساهمت في إنهاء النظام الشيوعي في بولندا. الحركة امتدت إلى الدول المجاورة وأسهمت في ما بعد في سقوط جدار برلين. ليست هذه المرة الأولى التي يتناول فيها أندريه واجدا هذه الفترة من تاريخ بولندا. في فيلمه «رجل من حديد» الحائز «السعفة الذهبية» في «مهرجان كان السينمائي» عام 1981 الذي هو تتمة للفيلم الذي سبقه أي «رجل الرخام» (1977) ، يروي المخرج قصة الأب الذي يقتل في تظاهرات حوض السفن في غدانسك عام 1970 وابنه الذي يكمل المسيرة بعده ويشارك في ثورة الحركة العمالية «تضامن». وإذا كان واجدا ترك نهاية الأب مبهمة في «رجل الرخام» بسبب الرقابة المفروضة آنذاك، فإنّه عاد ليوضحها في «رجل من حديد» مستفيداً من فترة رفع الرقابة عام 1980 إثر نشوء حركة «تضامن» قبل قمعها مجدداً عام 1981.
تحارب الطبقة الحاكمة والكنيسة مبادرة جيمي غرالتون

في «فاليسا، رجل الأمل» (2013)، يعيد واجدا رواية قصة فاليسا كاملة من دون محظورات. لكن ما يجعل من هذه السيرة الذاتية استثنائية ومختلفة هي الحميمية التي ينطلق منها ليسرد الاحداث بلغته السينمائية. يجعل علاقة فاليسا وزوجته محوراً أساسياً في القصة، مصوراً بطرافة تفاصيلها. نرى أنّه في كل مرة يخرج فاليسا إلى تظاهرة، يترك لزوجته ساعته وخاتمه لتبيعهما في حال لم يعد. أكثر ما يميز شخصية فاليسا كما يتناولها المخرج هي البساطة والذكاء الفطري ويطرح بطرافة من خلال الحوارات الصراع بين الطبقة المثقفة والعاملة. كذلك، يشرح بدقة عملية تحول فاليسا من رجل عادي إلى قائد بين ليلة وضحاها. طوال الفيلم، يبدو فاليسا كأنّه يتقمص شخص القائد من دون أن يصدقه تماماً. أما في الفيلم السويسري الكوميدي «الموجات الكبيرة» (2013) لليونيل باير، فيذهب فريق عمل من الراديو السويسري إلى البرتغال بهدف إنجاز تحقيق عن المساعدات الاقتصادية التي قدمتها سويسرا للبرتغال. أثناء ذلك، تندلع ثورة القرنفل في البرتغال في نيسان (أبريل) 1974 ضد النظام الديكتاتوري الذي فرضه حكم سالازار. عبر المواقف التي يواجهها أبطال الفيلم، يصوّر المخرج بشكل ساخر التصادم الذي يولده الاختلاف الثقافي بين البلدين. مثلاً، مفهوم الديمقراطية بالنسبة إلى السويسريين هو أمر بديهي في حين أنّه بمثابة الحلم في البرتغال. لا يمنع أن الفيلم يتبنى بعض الكليشيهات كما في تقديمه الكاريكاتوري لثورة القرنفل الذي لا يخلو من السذاجة وفي تصويره للمرأة المتحررة التي تمثلها شخصية جولي (الممثلة فاليري دونزيللي) بطلة الفيلم. أيضاً، سيُعرض مجدداً فيلم كين لوتش «صالة جيمي» (2014) الذي كان من بين الأفلام المتنافسة على «السعفة الذهبية» في «مهرجان كان السينمائي» هذه السنة. يتناول الشريط القصة الحقيقية لجيمي غرالتون قائد تجمع العمال الثوري الذي مهد لتأسيس الحزب الشيوعي الإيرلندي الذي رحل قسراً عن بلاده عام 1933 بسبب افتتاحه صالة عامة تستضيف جلسات حوارية وحفلات رقص، وتعزف موسيقى الجاز الغريبة الذي جلبها معه جيمي من أميركا. تحارب الطبقة الحاكمة والكنيسة مبادرة جيمي التي يرون فيها تهديداً لسيطرتهم. الصراع الأساسي يدور بين جيمي (باري ورد) والقس شريدان الذي يؤدي دوره ببراعة الممثل جيم نورتن حيث الحوارات الجدلية والمشغولة بالعناية تقترب من المسرح.



«فاليسا: رجل الأمل» لأندريه واجدا: 17:30 مساء اليوم ــ «متروبوليس أمبير صوفيل» للاستعلام: 01/204080
«صالة جيمي» لكين لوتش: 17:30 مساء 7 كانون الأول (ديسمبر)
«الموجات الكبيرة» لليونيل باير: 17:30 مساء 8 ديسمبر