في السبعين من عمره، عاد جورج بنسون (1943) إلى طفولته. عودة ميمونة نتج منها ألبوم مشغول بحرفية على جميع الأصعدة. عازف الغيتار والمغني الأميركي أصدر أخيراً عملاً عبّر فيه عن تقديره لمثاله الأعلى، عازف البيانو والمغني الكبير نات كينغ كول (1919 - 1965). بنسون الذي انطلق في مسيرته الفنية من الجاز ثم مارس الفانك والـR&B وصولاً إلى البوب الشعبي، يعود في ألبومه الجديد، التحفة، إلى الجاز الكلاسيكي، وتحديداً إلى نمط السوينغ والبيغ - باند ولكن بتقنيات العصر. استطاع إحياء أغنيات معروفة في قالب ممتاز أداءً وتسجيلاً (الأمر الذي لم يكن ممكناً بهذه الجودة في فترة بدايات موضة البيغ - باند).
فعلاً، إنه عمل محترف، لا غبار على تنفيذه لناحية النتيجة النهائية. أداء بنسون، صوتاً وعزفاً، هو في قمّة النضوج، وإحساسه يبلغ هنا ذروته، إذ يستعيد أعمالاً حفظها في طفولته وشكّلت بداياته الهاوية. ينطلق الألبوم، الذي يحمل عنوان Inspiration، بتسجيل مختصر لأغنية نات كينغ كول الشهيرة Mona Lisa والأداء لـ… «جورج بنسون الصغير» كما نقرأ على الغلاف الخلفي. يومها (1951) شارك في مسابقة محلّية خوّلته تسجيل «شيء واحد» في استوديو متواضع في قريته، فغنّى بعفوية وبراءة، ورافق نفسه على الـ«أوكوليلي» (آلة شبيهة بالغيتار ومناسبة للأطفال لصغر حجمها). الأغنية كانت من اختياره، وألبومه الجديد الذي يُختتم أيضاً بـMona Lisa لكن بتسجيل جديد، هو تحية لنات كينغ كول، ما يؤكد تأثير الأخير الثابت فيه. إنه وفاءٌ يحمله الفنان المخضرم في قلبه تجاه عصرٍ بكامله. عصرٌ سمّاه المجتمع المعاصر ذهبياً بعدما قارنه بالقعر الذي انحدر إليه الفن.
ألبومه الجديد يستعيد
نمط السوينغ والبيغ - باند لكن بتقنيات العصر



يحوي ألبوم بنسون مجموعة من كلاسيكيات اشتهر بها كول (Route 66 وNature Boy وWhen I Fall In Love وغيرها) وترافقه فيها إما بيغ - باند من آلات النفخ، وإما وتريات في الأغنيات الهادئة، وإما الأوركسترا الكاملة. ويكتفي أحياناً بتوزيع مصغَّر لثلاثي بيانو/درامز/باص، مضيفاً غيتاره في مرافقة هنا وصولو هناك. كذلك يشارك في التسجيل ضيوف دعاهم بنسون لتعزيز هذه التحية، هم عازفا الترومبت وينتون مرسالس، وتيل برونر والمغنيتان جوديث هيل وإدينا مانزل.
في السبعين، لم يخسر بنسون أياً من مهاراته في العزف ولا من طاقاته الصوتية (تنفيذاً وارتجالات). نعرف ذلك أساساً من زيارته الأخيرة للبنان ضمن «مهرجانات بيت الدين عام 2011» (طبيعة المهرجان السياحية حتّمت برنامجاً طغت عليه فترة البوب في مسيرة بنسون)، وننتظر مزيداً من الأعمال من هذا الطراز في السنوات المقبلة.