فيما كانت أوستراليا تخوض أوّل من أمس، عملية دقيقة لتحرير الرهائن المحتجزين في مقهى «لينت» في ساحة «مارتين» في سيدني، استنفرت وسائل الإعلام المحلية لتغطية الحدث الذي انتهى بمقتل ثلاثة أشخاص، أحدهم محتجز الرهائن الإيراني هارون مؤنس.برغم شهية المشاهدين المفتوحة لمعرفة حيثيات القضية، التزمت المؤسسات تعليمات القوى الأمنية وأجّلت إعلان التفاصيل.

تفاصيل تضمنت دردشات مع رهائن، ومشاهد مروّعة خلال اللحظات الأخيرة من العملية. أجمع مراقبون عديدون على نجاح الإعلام الأوسترالي في هذا الامتحان، مع تسجيل بعض الإخفاقات المحدودة. نتيجة لا بد من أن تعيدنا إلى الفوضى التي يغرق فيها الجسم الصحافي اللبناني عند كل استحقاق أمني دقيق يقع في البلاد (وما أكثرها!). عندها، تبدأ السباقات للحصول على السكوبات، ونشر أسماء الضحايا والمطلوبين، وعرض مشاهد قاسية للضحايا، لا يأبه الإعلام بأدنى أصول المهنية واحترام كرامات الناس.
بالعودة إلى سيدني، خصصت الكثير من الصحف مساحة لتقويم أداء الإعلام المحلي في نهار العملية الطويل، على رأسها الـ«غارديان» بنسختيها البريطانية والأوسترالية.
غرفة أخبار القناة السابعة المقابلة لمقهى «لينت» أُخليت صباح الإثنين، لكن السلطات عادت وسمحت للمصوّر غريغ باركر والمراسل كريس ريزن بدخوله بعد الظهر. هكذا، تشارك الاثنان نقطة واحدة مع أحد القناصين، وتمتعا برؤية واضحة للمشهد في المقهى، غير أنّهما لم يتشاركا إلا القليل من المشاهدين.
على هذه الخطى، سارت غالبية المؤسسات الإعلامية،
لم تُنشر مقاطع الفيديو التي حمّلها الرهائن على يوتيوب

التي كانت تُغطي الحدث، ملتزمة طلب الشرطة عدم كشف أسماء الرهائن، واسم محتجزهم إلى أن أخذت إذناً رسمياً بعيد منتصف الليل. كذلك، لم تُنشر مقاطع الفيديو «التي تقشعّر لها الأبدان»، التي حمّلها الرهائن على يوتيوب، فضلاً عن تمويه وجوه المحتجزين أثناء العرض. وهناك من ذهب خلال التغطية أيضاً إلى استضافة خبراء عسكريين ومحللين نفسيين، محاولا قراءة أفكار المعتدي.
هنا، قال مدير المحتوى الإخباري في قناة ABC News 24، غافين موريس، للـ«غارديان» إنّ أصعب ما في التعاطي مع هذه المسألة كان «اللغز المتعلّق بأسلوب الحل وقلة المعلومات الرسمية»، مضيفاً «حصلنا على معلومات من مصادر خاصة عن هوية الجاني ومطالبه، وعن هويات الرهائن، لكننا قرّرنا عدم نشرها». من جهته، شدد مدير الأخبار في القناة التاسعة، دارين ويك، على أنّه «لم يكن هذا الوقت المناسب لإثبات من كان الأوّل، وما المعلومات التي بحوزة كل منّا. خسر أوستراليون حياتهم، وهذا فظيع».
في المقابل، وُجّهت انتقادات لاذعة إلى النسخة الخاصة من صحيفة «ديلي تلغراف» الأوسترالية، التي صدرت عند الثانية من بعد ظهر الإثنين، بعدما قالت إنّ «الدولة الإسلامية تحتجز 13 شخصاً»، في وقت لم يكن قد أُعلن بعد العدد الحقيقي، ولا رُبط الحدث بهذا التنظيم الإرهابي.
على خط موازٍ، تعرّضت Fairfax لهجوم كبير، إثر نشرها الفيديوات اليوتيوبية التي طلبت الشرطة من وسائل الإعلام عدم عرضها، قبل أن تتراجع بفعل الضغوط.