الرباط | يكنّ الصحافي الفرنسي إريك زيمور (1958 ــ الصورة) الكثير من الحقد لمختلف المهاجرين إلى بلاده، لكن حقده على المسلمين بلغ أشدّه في تأكيده وجوب طردهم من فرنسا. تصريح دفع قناة i'Télé الفرنسية إلى إلغاء تعاقدها معه، وولّد موجة غضب عارمة ضّده.كلام زيمور الشوفيني الذي ما زال يثير الجدل، جاء خلال حملته الترويجية لكتابه «الانتحار الفرنسي» خلال حوار مع جريدة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية قبل شهرين، وكشف عنه أخيراً السياسي الفرنسي جون لوك ميلنشون في مدوّنته، ليثير زوبعة إعلامية.

زيمور طالب في كلامه بطرد المسلمين وإعادتهم إلى بلدانهم. الرجل رأى أن طرد خمسة ملايين مسلم من فرنسا ليس صعباً، وشبّهه بطرد الفرنسيين من الجزائر بعد الاستقلال!
هذه التصريحات لم تمر على نحو عابر، إذ انتقدها وزير الخارجية الفرنسي برنار كازنوف، داعياً إلى الاحتجاج على هذه المواقف العنصرية. كذلك، وقّع19 مثقفاً وأكاديمياً وناشطاً في مجال مناهضة العنصرية رسالة، وجّهوها إلى «الهيئة العليا للسمعي البصري»، وهي المؤسسة المكلّفة مراقبة وسائل الإعلام. تطالب الرسالة بوقف الحضور الإعلامي الطاغي للرجل، وتؤكد أنّ عدم منعه من إطلاق التصريحات العنصرية في وسائل الإعلام يوحي كأنّه تواطؤ من «المؤسسات والسياسيين، للتحريض على العنف والكراهية العرقية والدينية».
موقعو البيان أشاروا إلى أنّها ليست المرّة الأولى التي يقول فيها إريك زيمور كلاماً مشابهاً، إذ سبق أن حوكم في 2011 بتهمة الكراهية العرقية، مشيرين إلى أنّ تصريحاته «خطيرة وتجعل المسلمين شعباً داخل الشعب الفرنسي، وهو ما يقصيهم عن المواطنة». صحيح أنّ الهيئة لم تجب حتى الآن، لكن قناةi'Télé الفرنسية سارعت إلى إنهاء تعاقدها مع الصحافي المذكور.
في إطار محاولة إنقاذ ماء الوجه، نفى زيمور أن يكون قد أشار في حواره إلى «الترحيل أو النفي». وقال إنّها هجمة لـ«التعتيم» على مواقفه. موقف، ساندته فيه إذاعة RTL التي لم تحذُ حذو قناة «إي تيلي»، بل قالت إنّها لا «تتشاطر وزيمور مواقفه، لكنّها تركت أثيرها مفتوحاً أمام تحليلات للوضع الفرنسي الراهن». علماً بأنّ هذه التحليلات تنم عن عداء لكل ما ينتمي إلى ثقافات الهجرة.
من جانبه، أكد الصحافي الإيطالي الذي حاور زيمور لصحيفة «ليبراسيون» أنّ الأخير لم يذكر كلمة «ترحيل»، بل كان يجيب عن سؤال حول إذا ما كان «يساند ترحيل ملايين المسلمين في الطائرات ونفيهم»، قبل أن يجيب: «أو في البواخر».
عنصرية زيمور تبدو أيضاً في كتاباته. فإصداره الأخير «الانتحار الفرنسي» حقق مبيعات قياسية، وهو يضم خلطة غريبة تجمع بين التاريخ والإحصاءات والحوادث المتفرقة، لخلق «رهاب من المسلمين»، خصوصاً المغاربة. كذلك، يعتبر زيمور أنّ فرنسا ذاهبة إلى حرب أهلية أبطالها «المسلمون في وجه المواطنين الفرنسيين».
المفارقة الغريبة في شخصية هذا الرجل هو أنّه ولد ونشأ في ضواحي باريس حيث يوجد تنوّع اجتماعي كبير، وتتحدّر عائلته اليهودية من الجزائر بعدما هاجرت بعد حرب التحرير. في الوقت الذي يحمل فيه اسم عائلته إشارة واضحة إلى جذوره المغاربية، يهرب زيمور إلى الأمام ويسبغ نفسه بالانتماء الكامل إلى فرنسا.