«استحقت «الجزيرة» بجدارة أشهر وأكبر الجوائز العالمية لتغطيتها المستقلة والحيادية المتميزة للاحداث حول العالم، ولسوف نحمل هذا الارث معنا إلى قناتنا الجديدة في الولايات المتحدة». بهذه الكلمات أبلغت إدارة القناة القطرية أمس موظفيها عن صفقة شراء Current TV من خلال تعميم داخلي أرسله مديرها العام أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني.
وجاء في التعميم الذي حصلت «الاخبار» على نسخة عنه «أنه في الخطوة الأخيرة، ستطلّ المحطة على مشاهدين جدد في مناطق كان يظنها عديدون بعيدة المنال». ويضيف التعميم الذي كتب باللغتين العربية والانكليزية أن «القناة ستتخذ من نيويورك مقراً لها، وتقدم أخباراً خاصة بها، وستقوم بتغطية الاحداث المحلية الاميركية، بالاضافة الى تغطيات الجزيرة الاخبارية الأخرى». وصفت المحطة القطرية خطوتها بأنها «فرصة أكبر لمشاهدة العمل الصحافي» خصوصاً أنّ «أكثر من 40 في المئة من الـ 150 مليون زيارة لموقع «الجزيرة» الانكليزية خلال 2012، جاءت من الولايات المتحدة الاميركية. لذا فإنّ شراء القناة الجديدة سيوصل بث «الجزيرة» إلى جمهور طالما أبدى رغبته في متابعة برامجها وتغطياتها».
عملية الشراء تلك لم تكن الأولى. سبق أن وضعت القناة يدها على محطة «أن. تي. في» الخاصة في سراييفو، وأطلقت بعدها قناة «الجزيرة بلقان». أما اليوم، فعينها على أميركا، لكن لماذا اليوم تحديداً؟ يجيب عن السؤال أحد كبار الاداريين في القناة الذي فضّل عدم الكشف عن إسمه. يقول إنّ الادارة الاميركية السابقة كانت تحاصر إنتشار «الجزيرة» في ولاياتها خوفاً من دخول فكر تنظيم «القاعدة» إلى منازل الأميركيين، خصوصاً أنّ «الجزيرة» هي التي عرّفت المشاهد الأميركي إلى ذلك التنظيم، وقد كانت بمثابة مكتبه الاعلامي وفتحت أمامه أبواب الاعلام ولا تزال كذلك حتى اليوم لكن بأساليب غير مباشرة وبطرق متنوعة. يضيف المصدر أنّه بعد مرور أكثر من عامين على «الربيع العربي»، تبيّن أنّ السياسة القطرية تتفق في أكثر من مكان مع السياسة الاميركية في إدارة الصراع بدءاً من تونس ومصر وسوريا وصولاً إلى ليبيا واليمن، وكذلك في طمس ملامح «الثورة» في البحرين. ويكشف المصدر أنّ الصفقة ما كانت لتتم من دون رضى الادارة الاميركية ولو بشكل غير معلن، خصوصاً أنّ القناة قدّمت بعض الضمانات في الملفات الداخلية الاميركية، على غرار الازمات الاقتصادية وليس إنتهاء بسياسة أميركا الخارجية. والملفت أنّ «الجزيرة» ستبقي على موظفي Current TV التي شارك في تأسيسها نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور. وستفتح باب الانتقال الداخلي داخل الشبكة والتوظيف أيضاً، كما تمهد لمرحلة أهم هي إطلاق قناة «الجزيرة أميركا» التي ستكون ناطقة باللغة الانكليزية. إلا أن التوقعات تتحدث عن ولادتها في أواخر العام الحالي، ويجري العمل عليها بكل قوّة. أما بخصوص Current TV، فسيتم إنتاج 60 في المئة من برامج المحطة في الولايات المتحدة، فيما الباقي سيكون من البرمجة التي تنتجها «الجزيرة» بقناتها الانكليزية.
يرى مراقبون أنّ «الجزيرة» تقوم بعملية شبيهة لتلك التي قامت بها الحكومة الاميركية عام 2004، عندما افتتحت «الحرة» لتكون بمثابة الدعاية الدبلوماسية للسياسة الاميركية في البلدان العربية، وقد أنشئت حينها لتكون صوتاً عربياً بلسان أميركي لتواجه وقتها «الجزيرة» وأخواتها. السؤال الذي يطرح نفسه اليوم: كيف ستجتاز الشبكة القطرية الجديدة قانون Smith Act الذي يمنع الدعاية الدبلوماسية؟