محمود علي«أنا، منذ ماتت أمي بالسرطان سنة 1945، رسخ فيّ اعتقاد بأني سأموت بالسرطان. بأنه مرض وراثي. بأنه رمز لشيء رهيب هو تفكك الحياة وتعفنها وانهيار العالم».
(حوار مع مجلة «الفكر»
التونسية، يناير 1969)


يعترض أنسي الحاج على دعوة آرتور رامبو إلى «إعادة اختراع الحبّ»، لا، إن الحبّ يحتاج «إلى العثور عليه»، «يجب أن نعثر على الحبّ». ويعترض مرة أخرى، لا، «بل هو الجسد» ما يجب إعادة اختراعه.
في المرة الأولى، يحرض على العثور على الحبّ. «الحبّ تيه». أمّا في الثانية، وعلى اعتبار «الجمال في عيون الناظر إليه»، وهو المنحاز للجمال، و بما أن «الماديّ هو شكل الروحيّ، هو شكله فقط لا بديله ولا نقيضه»، تصبح المسألة هي الخلل في نظرتنا إلى الأشياء، لا في الأشياء نفسها.
خذ مثلاً، كَتب مرة مقالاً طويلاً، في مديح «الهُدْهد» (الأخبار، العدد ٥٦٢)، سرد فيه أدق تفاصيله (وصف والده لويس الحاج بـ«هدهد الصحافة»)، متغزلاً بمنقاره وريشه وعينيه وصوته ومشيته وطيرانه، حتى اسمه «ولو لم يكن له غير اسمه بالعربيّة لكفاه ذلك علوّ مقام»، غافلاً رائحته الكريهة.
لا يرى أنسي في المحبوب عيوباً. المُحب أعمى.
لكن لا هذا ولا ذاك، لأن الحبّ حقاً يحتاج إلى «إعادة اختراع»، وأنسي هو من أعاد اختراعه. أليس «أروعُ ما في حبّنا أننا اخترعناه»؟ «ولم يعرفوا أنه حب، لأنه لا يشبه تقليدهم للحبّ».
«ولم يعرفوا أنه حب، لأنه لا يشبه تقليدهم للحبّ»

■ ■ ■


عُرف الماغوط بصلابته وسخريته، لم يسلم منه حتى أصدقاؤه: أدونيس «إللي بدّو نوبل»، ونزار قباني الذي «لا يرى من المرأة إلاّ نهديها»، لكن «كلمة» فقط من أنسي الحاج تكفي لأن تبكيه.
هو «الأنقى» بين جيله.

■ ■ ■


عرّف فيكتور هوغو الكآبة بأنها «الابتهاج بالحزن». لكن أنسي ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، مُعرّفاً رحيله بـ «فرح الزوال».

■ ■ ■


لم يعد يحتمل الأرض،
«فالأكبر من الأرض لا يحتملها».
من تركت للغيوم لتباركه؟

■ ■ ■


هناك خطأ شائع عن زيارة أنسي الحاج إلى مصر وبخاصّة القاهرة: وقع فيه سيد محمود («اليد التي تعطف وتؤازر»، الأخبار، العدد ٢٥٢١)، وقبله الرفيق أسعد أبوخليل وقع في الخطأ نفسه («لغة تعبر الأجيال بلا حواجز»، الأخبار، العدد ٢٢٢٦ ). وأنسي كان قد كتب في «خواتم 2» عن زيارته إلى مصر: «ذكّرني هذا الهرب بحادثة أخرى حصلت معي مرة في القاهرة، حين اصطحبني أصدقاء، عند منتصف ليل اليوم الذي وصلت فيه إلى مصر، لمشاهدة تمثال أبو الهول» (ص23).

■ ■ ■


سكتت، وظل وجهك يسأل: لماذا؟