القاهرة | كما توقع الخبراء في نهاية رمضان الماضي، ستعيش الدراما المصرية في 2013 أزمة كبرى قد تكون أسوأ من تلك التي عاشتها في أول رمضان تلا «ثورة يناير» عام 2011. قبل عامين، كان معظم النجوم غائبين، ما ولّد أزمة بطالة، لكن ليس ركوداً اقتصادياً من المحتمل أن يعصف اليوم بمعظم المنتجين. إذ كان لطوفان المسلسلات الذي تدفق على الشاشات المصرية والعربية في عام 2012 آثاره السلبية رغم التطور الكبير في مستوى معظم الأعمال التي عرضت أخيراً.
العوارض الجانبية كانت اقتصادية بمعظمها بسبب عجز القنوات الفضائية عن دفع مستحقات المنتجين كاملة. حتى إنّ المنتج صفوت غطاس قال إنّ حجم ديون القنوات للمنتجين المصريين تجاوزت حاجز 300 مليون جنيه (50 مليون دولار). وأضاف منتج مسلسل «فرقة ناجي عطا الله» لعادل إمام أنّ القنوات نفسها غير مسؤولة مباشرة عن زيادة الدين، بل الشركات المعلنة التي تأثرت بشدة بتراجع الوضع الاقتصادي في مصر حتى بعد إجراء الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي دفع المنتجين إلى زيادة مسلسلاتهم على أمل أن تهدأ الأوضاع بعد حزيران (يونيو) الماضي. لكن الكلام كان نظرياً فقط، وزاد من مخاوف المنتجين تسريب خبر عن نية الحكومة زيادة الضرائب على الإعلانات التلفزيونية، ما سيؤدي إلى خفض حجم الإنفاق الإعلاني للشركات خلال رمضان المقبل، وبالتالي ستتأثر مداخيل القنوات مباشرة وستقل قدرتها على شراء العدد المعتاد من المسلسلات. وفي النتيجة، تراجع عدد مرات العرض الثاني لمسلسلات رمضان، في الوقت الذي كان يعتبر فيه وسيلة أساسية لزيادة أرباح المسلسلات التي يوفرها للسوق كل عام، من طريق تحصيل مبالغ إضافية من القنوات مقابل الحصول على حق العرض الثاني للعمل بعد انتهاء أيام شهر الصوم. دوّامة المتاعب الاقتصادية هذه أضاعت معالم الموسم الدرامي المقبل، الأمر الذي قد يؤثر كثيراً في وجود عدد من النجوم، في ظل تمسّك الفنانين المصريين بمبدأ عدم خفض أجورهم تماشياً مع الأوضاع الاقتصادية. هناك من يفضل أن يقدم مسلسلاً واحداً سنوياً ويتقاضى الأجر نفسه، على أن يقدم مسلسلين متتاليين بنصف أجره المتعارف عليه قبل الثورة. بناءً على ما سبق، أعلن المنتج أحمد الجابري نيته عدم إنتاج أي مسلسل جديد والاكتفاء بمسلسل حسين فهمي «حافة الغضب» المؤجل من العام الماضي، علماً بأنّ الجابري هو صاحب آخر مسلسلين للنجم يحيى الفخراني «شيخ العرب همام» و«الخواجة عبد القادر»، وهو ما يفسر تصريح الممثل المصري عن عدم استقراره بعد على عمل جديد. بطل «ابن الأرندلي» بحاجة إلى منتج يوفر له الإمكانات المناسبة ويبدي استعداداً لتقديم ما يليق بتاريخ أبرز ممثل في الدراما المصرية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، سواء كان الجابري أو غيره. وعلى هذا المنوال، لم يعلن كل من نور الشريف وإلهام شاهين حتى الآن عن خطتهما الدرامية للعام الجديد، فيما اعتاد محمود عبد العزيز الغياب كلما قدم عملاً تلفزيونياً بالتزامن مع بقاء كل المشاريع المرتبطة باسم عادل إمام في طور الإعداد. أما النجمان السينمائيان أحمد السقا وكريم عبد العزيز اللذان تنافسا في رمضان الماضي من خلال مسلسلي «خطوط حمراء» و«الهروب»، فلم يعلنا أي مشاريع تلفزيونية جدية حتى الآن، فيما ستغيب هند صبري قسراً بسبب الحمل رغم نجاح مسلسلها الأخير «فرتيجو». ومن بين أبطال مسلسل «طرف تالت»، وحده أمير كرارة استقر على مسلسل «تحت الأرض» الذي يجري الإعداد له حالياً، بينما لم يعلن محمود عبد المغني عن مشروعه المقبل. فيما لا يزال عمرو يوسف يتابع عرض حلقات «المنتقم» على قناة «أم. بي. سي مصر» منذ تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، الأمر الذي قد يبعده عن السباق الرمضاني المقبل لأنّ المسلسل مستمرّ طوال أربعة أشهر متتالية على الشاشة. وفي ظل هذه الأزمة، يمكن القول بأنّ القاعدة الأساسية لمسلسلات رمضان المقبل ستكون تلك المؤجلة من رمضان الماضي، وفي مقدمتها «مولد وصاحبه غايب» لهيفا وهبي وفيفي عبده، الذي لا يزال تصويره يسير ببطء شديد، وخصوصاً بعد تعرض منتجه محمد فوزي لأزمة صحية أخيراً. ولفوزي مسلسلان آخران ينتظران رمضان 2013 هما «ميراث الريح» لمحمود حميدة وسمية الخشاب، و«سلسال الدم» لعبلة كامل، فيما ينضم إليهما تيم حسن في مسلسله المؤجل «الصقر شاهين»، ونيللي كريم وباسم سمرة في مسلسل «الذات» المأخوذ عن رواية صنع الله إبراهيم الذي استبعد من رمضان الماضي لضيق الوقت و«عدم تناسب الموضوع» مع شهر الصوم، لكن لا إشارات على بدء عرضه قبل الشهر الفضيل. وفي انتظار ظهور هلال رمضان المقبل، يترقّب الوسط الدرامي المصري عرض مسلسلي «على كف عفريت» لخالد الصاوي عبر قناة «النهار» و«في غمضة عين» لأنغام وداليا البحيري عبر «أم. بي. سي مصر» لاختبار مدى تقبل الجمهور المصري لموسم مسلسلات جديد بعيداً عن رمضان. غير أنه حتى في حال نجاح هاتين التجربتين، فإن مواصفات معينة يجب أن تتوافر في تلك الأعمال التي ستخرج عن طوع شهر الصوم، أبرزها أسماء النجوم والمضمون، وهو ما يفسر إحجام المنتجين عن طرح الأعمال المؤجلة خارج السباق الرمضاني، إضافة إلى أنّ سعر العرض يتراجع كثيراً في باقي أشهر السنة.