باريس | «كذبوا حين قالوا إني مُتّ برصاصة طائشة/ لقد متّ مقتولاً على يد جندي مجهول/ يظن نفسه متفانياً في واجبه وهو يطلق الرصاص في الضباب/ صوب ظلال عدوة تحمل أسلحة ركيكة»، هكذا تقول كلمات أغنية «حياة بالناقص» التي أطلقتها أخيراً فرقة «زبدة» (راجع المقال أدناه). بعد توقف سنوات، عادت الفرقة الفرنسية الملتزمة إلى الساحة، مطلقةً العواصف في صفوف «المجلس التمثيلي للمؤسّسات اليهوديّة في فرنسا» (كريف CRIF).
منذ أن عرضتFrance Télévisions الأغنية التي تضيء على معاناة أهل غزة تحت الحصار، وجّه رئيس الـ«كريف» ريشارد براسكييه رسالة إلى رئيس المحطة الحكومية ريمي بفليملين، طالباً منه التوقف عن بث الأغنية «المشحونة بالكراهية تجاه إسرائيل» واتُّهمت الفرقة بمعاداة السامية. لكن لغاية اليوم، تبث «حياة بالناقص» بشكل شبه سري في فرنسا وتشهد رواجاً على اليوتيوب ويتداولها بعض المستعربين، ليس لأنّهم من محبّي المزج الموسيقي الذي تعتمده «زبدة» ولا لأنهم من عشّاق الروك والفانك والراب والريغي التي تطبع إبداعات الفرقة، بل إنّ ما يثير اهتمامهم هو هوية كاتب الكلمات: إنّه المؤرخ والأكاديمي والدبلوماسي السابق والخبير في شؤون الشرق الأوسط جان بيار فيليو (نشر أخيراً كتاب «تاريخ غزة» عن دار «فايار»). علي غسوم منتج ومخرج كليب الأغنية يقول لـ«الأخبار» إنّ «هذا الزواج غير المألوف بين فرقة معروفة بالتزامها ومؤرخ محترم للغاية زاد اهتمام الإعلام بهذا الموضوع، ما ولّد تشنّجاً لدى المؤسسات المؤيدة لإسرائيل التي تهاجم كل من يُشكك بالحملات الدعائية الإسرائيلية. وتزيد حدة هذا الهجوم عندما يتعلق الأمر بمؤرخ من طينة جان بيار فيليو الذي لم يتوان عن استعمال فعل «الكذب» في الأغنية. وقد هُوجم بالطريقة نفسها التي تهاجم بها الحكومة العبرية المؤرخين الإسرائيليين الجدد».
نيكول يارديني ممثلة الـ«كريف» في تولوز، مسقط رأس فرقة «زبدة» التي تأسست عام 1985، هاجمت الأغنية «مخافة» أن يتبنى الشباب المقهور في ضواحي فرنسا قضية الشباب المقهور في غزة. لكنّ رد فعل «الاتحاد اليهودي الفرنسي من أجل السلام» جاء ليخالف هذا الرأي، معتبراً أنّه لا بد من الغناء لغزة كي لا يتم الخلط بين واقع فرنسا وسياسة إسرائيل. ورد ممثل الاتحاد أندري روزفيغ على الـ«كريف» عبر قناة «فرانس 3» قائلاً: «يأتي رئيس وزراء إسرائيلي إلى هنا في تولوز ويقول أمام رئيس الجمهورية وأمام فرنسا برمتها إنّ على اليهود الفرنسيين مغادرة فرنسا نحو إسرائيل، والآن تقولون إنّ شباب الضواحي هم من سيستورد النزاع»! تكشف «حياة بالناقص» الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون ناقلةً صورة عن الوضع المأسوي لشعب سُلبت منه أرضه وانتُهكت حقوقه وسُجن خلف جدار الأبارتايد المخجل. يقول علي غسوم: «كلمات الأغنية مصدر الإلهام الأساسي. استندت إلى صور من الواقع والمأساة الإنسانية واعتمدت أسلوباً أدبياً شاعرياً واستوحينا الرسوم من أعمال فنان الغرافيتي المعروف بانكسي. نحن فخورون بالعمل من أجل القضية الفلسطينية». مساء اليوم، يقدّم «معهد العالم العربي» في باريس لقاءً بعنوان «راهن غزة، مستقبل فلسطين» حيث سيعرض كليب الأغنية بحضور المخرج وجان بيار فيليو اللذين سيذكّراننا بـ«فضيحة الوضع المفروض على ملايين الفلسطينيين والفلسطينيات».
فخورون بالعمل من أجل القضية الفلسطينية». مساء اليوم، يقدّم «معهد العالم العربي» في باريس لقاءً بعنوان «راهن غزة، مستقبل فلسطين» حيث سيعرض كليب الأغنية بحضور المخرج وجان بيار فيليو اللذين سيذكّراننا بـ«فضيحة الوضع المفروض على ملايين الفلسطينيين والفلسطينيات».


«راهن غزة، مستقبل فلسطين»: عرض كليب «حياة بالناقص» يليه حوار مع المخرج علي غسوم بحضور جان بيار فيليو وبنجامين بارت ـــ 6:30 مساء اليوم ـــ «معهد العالم العربي»، باريس
http://www.imarabe.org






أبلسة وتشويه

على موقعه الإلكتروني، نشر الـ«كريف» مقالاً بعنوان «أغنية تروّج لكراهية إسرائيل». بسوء نية واضح، كلِّف بكتابته برتران رماس مولباك الذي يبدو أنّه يعاني من صعوبة بالغة في السّمع، ذلك أنه حرّف جلّ الكلمات الواردة في الأغنية. هو لم يكتف بتشويه النص، بل أجاد بتحليلاته المستنكرة. والغريب أنّ هذه الأخطاء لم ينتبه لها القارئ المؤيد لـ«كريف» الذي ذهب ضحية استلاب يقوم على أبلسة الشعب الفلسطيني. «كنت فقط أريد أن أعيش، أن أعيش حراً» تقول كلمات الأغنية التي نجح فيها إخراج علي غسوم بمساعدة ناتاشا بيغان ورسوم ريمي غيومار الرائعة بأن يكونا على مستوى كلمات جان بيار فيليو.