أول من أمس، تحولت الطاولة المستديرة في برنامج «حرتقجي» (إخراج شادي حنا) على OTV من مكان لإطلاق التهكمات والمواقف الساخرة من مختلف الأحداث الحاصلة في البلد الى لوحة سريالية، مع استضافة زوجة المخطوف اللبناني في منطقة أعزاز السورية علي ترمس: منى وابنهما الصغير ابراهيم حاورهما «نجوم» الكوميديا الأخوان هشام وماهر حداد والممثلة ليال ضو.مشهد الاستضافة وحده كان كافياً لتبيان الخلل بين نوع البرنامج والشخصية المستضافة. بدا هشام حداد مستخفاً وليس ملمّاً بملف المخطوفين اللبنانيين في سوريا. تجلى ذلك في الالتباس الذي حصل في بداية الحلقة عن المكان الذي قصده الزوّار قبل احتجازهم، فاستبدل حداد إيران بالعراق. كذلك الأمر بالنسبة إلى أسئلته المقتضبة الخفيفة التي حملت في طياتها الكثير من الاستفزاز لزوجة المخطوف علي ترمس.

توزعت الحلقة على أربعة محاور (من ضمنها قضية المخطوفين): الحديث عن الخلاف بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» على رئاسة نادي «الحكمة»، والقانون الانتخابي، والفقرة الثابتة عن أبرز تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي.
بعد ثماني دقائق من بدء الحلقة، خيِّل للمشاهدين أنّ هشام حداد خلع ثوب المذيع الساخر والمتهكم ليأخذ دور المحاور الجدي الذي فشل في أدائه بطبيعة الحال. في الكثير من الأحيان، اعتمد على استقاء السؤال من جواب زوجة المخطوف التي لمع نجمها إعلامياً نظراً إلى طلاقة لسانها وحنكتها. لم تقع منى ترمس في الفِخاخ التي نصبها لها حداد مراراً وتكراراً، بدءاً من محاولة توريطها في القول بأنّ زوجها كان مقاتلاً لدى «حزب الله»، مروراً بالكلام عن مقاطعة البضائع التركية التي لمّح حداد إلى أن أغلب المستوردين لهذه البضائع هم لبنانيون من لون مذهبي واحد، وصولاً الى الذروة مع محاولة توريط منى في تأييد «الثورة» السورية. بعدما استنفد حداد أسلحته، توجّه الى الصبي الصغير ابراهيم سائلاً إياه: «أنت كطفل، هل عندك موقف من الثورة السورية؟». هنا، تلقّفت الأم الفخ و«سرقت» الإجابة بطريقة ذكية لتلافي الوقوع في هذا الشرك. ولرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان حصة في هذا الحديث. التركيز كان على الاعتصام الأخير الذي نفذه أهالي المخطوفين على مقربة من القصر الرئاسي ومضمون كلامه أمام وفد من المعتصمين وجملته الشهيرة إلى ذوي المخطوفين: «روحوا لعند جماعتكم». دخل حداد من هذا الباب وسأل بطريقة استفزازية: «شو قالولكم جماعتكم؟» انتقدت الزوجة موقف سليمان، متسائلة: «لماذا جال الرئيس العالم عندما اهتز موسم السياحة في لبنان، ولا يتحرك اليوم؟».
ربما لم تجد منى ترمس الزوجة والأم المتألمة على احتجاز زوجها وآخرين «بتهمة» زيارتهم الأراضي المقدسة في إيران أي منبر للتعبير عما يختلجها من غضب إزاء ما يحصل في هذا الملف من تسيّب وإهمال رسمي وحتى إعلامي. إلا أنه بالتأكيد لم يكن الـ«حرتقجي» هو المكان المناسب لذلك، ولا مقّدمه الذي لم يقنع في نهاية المطاف المشاهدين بجدية وأهمية الملف المطروح ولا بارتدائه زيّ المذيع الرصين المناسب لقضية مماثلة.

* كل أربعاء 20:30 على otv