أطلّت «المنار» في حلّة مختلفة مع بداية العام. غيّرت الديكورات وبدّلت فواصل الشاشة والجنريكات والألوان. قبلها، أطلقت البرنامج الوثائقي «لو هزم حزب الله» الذي تأجّل عرضه نظراً إلى دقّة ما يكشفه من وثائق ومعلومات وتحقيقات. هكذا، بعد أسابيع على اتهامها بالجمود وعدم التطور وحضّها على «النهوض من سباتها» (الأخبار 13/12/2012)، ردّت سريعاً بتجديد الشكل وديكورات البرامج، فيما يؤكد المدير العام للمحطة عبد الله قصير أنّ هذا الأمر مقرّر منذ أشهر، وحددت ساعة الصفر في مطلع 2013.
ترافق ذلك مع تغيير في استديو الأخبار شكلاً ومضموناً، إذ أتيح للمراسل التعليق على تقارير أنجزها، إذا احتاجت إلى توضيح، مشدداً على حرص المحطة على حضورها العربي من خلال نشرات الأخبار التي «ستتضمن تقارير سياسيّة، معيشيّة، اقتصاديّة، اجتماعيّة أو تربويّة من دول عربية مختلفة تنشيطاً لحركة التواصل مع المشاهد العربي». لكن، ماذا عن أداء قناة «المقاومة والتحرير» وكيف تراجع حساباتها لتتمكن من الوصول إلى أوسع شريحة من الجمهور اللبناني والعربي؟ وهل استطاعت فعلاً أن تخرج من الضاحية والجنوب، حيث حضور جمهور «حزب الله» لتخاطب على الأقل الحليف المسيحي؟ وماذا عن منع غير المحجبات من الظهور على الشاشة ولو كضيوف، هل لا يزال القرار سارياً، أم أنّ التعاطي مع الأمر بات أكثر مرونة؟ وماذا عن منع أعضاء حركة «حماس» من الظهور في برامج القناة وعن تجاهلها كلمة رئيس الجمهورية في مناسبة عيد الاستقلال الماضي؟
يشدّد قصير لـ«الأخبار» على «إنجازنا 118 وثائقياً في السنوات الأربع الماضية، و6 مسلسلات درامية وأفلام تلفزيونية وسينمائية، أي أننا أدخلنا الإنتاج الدرامي إلى القناة، ولم نعد نتّكل على الإنتاج الجاهز بفضل التعاون مع «مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني». ويشدّد على «أنّنا نقدم للمشاهد إنتاجاً يشكل رافعة للدراما اللبنانية بشهادة نقاد لبنانيين وعرب، ثم وثائقيات مهمة عن اغتيال الرئيس رفيق الحريري والمحكمة الدولية والحدود وترسيمها والخط الأزرق وعن الشأن الفلسطيني». ويؤكد قصير لـ«الأخبار» انفتاح المحطة على «الآخر، لكنّنا نتقيد بالضوابط الشرعيّة التي ترسم خطوطنا الحمراء». ولتحقيق نسبة مشاهدة أعلى للبرنامج الصباحي «صباح المنار»، برمجته المحطة منذ فترة بعد الظهر ليستهدف كل أفراد العائلة، وسمّته «حبة مسك». ويتضمن فقرات بيئية وتربوية ومشاكل اجتماعية. لكن، هل تتوجه المحطة إلى العائلة اللبنانية أم إلى عوائل «حزب الله» فقط؟ وكيف تنتظر استقبالها بحفاوة من عوائل حلفائها المنتمين إلى تيارات أخرى إذا كان ظهورهم على شاشتها ممنوعاً، في ظل قرار منع ظهور المحجبات لديهم؟ يعلق قصير بأنّ «ما من قرار صدر بهذا الشكل، بل طلبنا في اجتماع إداري سابق من الزملاء أن يعطوا الأولوية للمحجبات. مثلاً إذا أردنا استضافة خبيرة تغذية، طبيعي أن نبحث عن المحجبة أولاً»، متوجهاً إلى «من يرمينا بهذه التهمة بأن يتابع التقارير الإخبارية، وسيلاحظ أنّ ثمة نساء غير محجبات يظهرن فيها». لكن إذا أرادت مخاطبة كل شرائح المجتمع، فما الذي يمنع استضافة نساء لا يلتزمن بالضوابط الشرعيّة؟ يجيب: «ليس بالضرورة أن استقبل غير المحجبة، لأثبت انفتاحي على الآخر»، نافياً أن تكون الموانع زادت في المحطة «لأننا ملتزمون أساساً بالضوابط الشرعيّة».
وفي ظل الاتهامات التي تواجهها «المنار» بالامتناع عن بث كلمة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في ذكرى الاستقلال، وقول البعض بأنّ الأمر «طبيعي لأنها قناة إيرانية تبث من لبنان»، لا يستغرب قصير هذه الاتهامات «لأننا ننتظر بعضنا على الكوع»، لافتاً إلى «أننا قصّرنا ونعترف بالخطأ، لكن ما جرى أن الإخوة في البث المباشر ارتأوا بثّ كلمة السيد حسن نصر الله في مجمع سيد الشهداء في ضاحية بيروت الجنوبية، ولم يتنبّهوا بأنّ عليهم فصل البث الأرضي عن الفضائي، وبث كلمة الرئيس أرضياً ونقل خطاب السيد فضائياً». لكن، هل يتخذ «الشباب» القرار بأنفسهم؟ يجيب: «صودف يومها أنّ مدير الأخبار في إجازة، وكنت أنا غائباً عن السمع لحضوري المجلس العاشورائي، لكننا لم نقاطع مرة كلمة الرئيس. هذه التهمة من باب النكايات السياسية، لأننا بثثنا مقاطع من الكلمة في نشرة أخبارنا المسائية». وماذا عن قرار منع ظهور أعضاء حركة «حماس» على «المنار»؟ يجيب بأنّه «لا داعي لأن أنفي هذا الكلام، لأننا استضفنا مسؤول حركة حماس في لبنان علي بركة أخيراً، ونعتبر أنفسنا معنيين باستضافة كل حركات المقاومة». لا ينكر قصير بأن بعض النقد الموجه إلى «المنار» موضوعي وفي محله، لكن بعضه أيضاً ظالم ومجافٍ للحقيقة. يعلّق: «كنا في مرحلة تحضيرية، ولم نصل إلى السبات الذي وصفنا به».



zoom

قفزة إلكترونية




إذا كان جمهور «المنار» مقتصراً على فئة معينة من الناس، فإن موقعها حقق المرتبة الأولى في لبنان بحسب إحصاءات Alexa. يعتبر عبد الله قصير (الصورة) أنّ «عالم الإعلام يتطور ونحاول مواكبة العصر على مستوى الموقع الإلكتروني، وهو يقترب من موقعَي «الجزيرة» و«العربية» لجهة عدد متصفحيه يوميّاً والذين بلغ عددهم أكثر من ثلاثة ملايين». ويوجه شكره إلى المسؤول عن الموقع عبد اللطيف صلاح والعاملين معه الذين حققوا هذه الخطوة المتقدمة، رغم إيقاف تطبيقات «المنار» على الهواتف الذكية في google play وapple store. ويضيف: «بات الموقع يعبر عن القناة، ويعطي إضافات لبعض الموضوعات التي تعرض على شاشتها». ولماذا هذه القفزة الإلكترونية التي لا تواكبها قفزة تلفزيونية مشابهة؟ لا يعتبر قصير أنّ الخلل في القناة. يشرح: «انطلقنا عام 1991. وقتها كان عدد الشاشات اللبنانيّة قليلاً، أما اليوم فصارت القنوات العربية والفلسطينية التي تبث من لبنان وحده كثيرة، فضلاً عن تشتت المشاهدين نتيجة البيئات السياسيّة والمذهبيّة في المنطقة. لذا، لا نستطيع أن نستحوذ على اهتمام كل المشاهدين». لكن، ماذا عن الجمهور الذي لا يعنيه وجود المحطة على شاشته؟ يعلّق قائلاً: «لا جواب عندي لهذا، لكني أحرص على أن تكون مادتي وطنيّة بالدرجة الأولى وموحدة في الشأن الإسلامي ثانياً. وتبيّن استطلاعات الرأي تقدمنا في مناطق معينة، وخصوصاً في رمضان، بحسب استطلاعات «ستات إيبسوس»، ومركز دراسات عبدو سعد». وبعيداً عن حسابات المشاهدة، تستعدّ المحطة لمجموعة برامج جديدة في المرحلة المقبلة، منها «عين على العدوّ» المتخصص بالموضوع الإسرائيلي، من إعداد أحمد عمار وحسن حجازي وإخراج عفيف حيدر وتقديم بشار اللقيس، ثم وثائقي عن عملية انصارية للمخرج محمد دبوق. كما تجهّز لشهر رمضان الذي يتزامن مع الذكرى السابعة للعدوان الإسرائيلي مسلسل «قيامة البنادق» للكاتب محمد النابلسي والمخرج السوري عمّار رضوان وإنتاج «مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني»، ويبدأ تصويره اليوم، فضلاً عن تحضير وثائقيات سياسية عن الأزهر في مصر، والحوثيين في اليمن.