القاهرة | إنّها المرة الأولى في تاريخ الإعلام المصري التي تتهم فيها محطة تلفزيونية بالتورّط في حادث مأسوي، لأنّها وصلت إلى موقع الحادث قبل المسؤولين الرسميين! هكذا كافأ أنصار «الإخوان المسلمين» في مصر قناة «أون. تي. في.» على نقلها المباشر لما جرى أمس في مدينة البدرشين (جنوب القاهرة) حين انفصلت عربات قطار كان ينقل مئات الجنود الشبان العاملين في الأمن المركزي، ما أدّى إلى وفاة 19 وإصابة العشرات.
وبما أنّه أصبح متوقعاً بعد كل حادثة تقع في عهد الرئيس محمد مرسي، رفضَ أنصاره تحميله المسؤولية وألقوها على عاتق النظام السابق؛ لأن الرئيس الجديد ورث تركة ثقيلة، ولم يكن هو «اللي سايق القطر» حتى نحاسبه! لم يجد أنصاره إلا «نظرية المؤامرة» لإقناع الشارع الغاضب بأنّ الحادث بفعل فاعل لا فاسد ومهمل تركه النظام الجديد مكانه من أيام مبارك. استغل مديرو صفحات التيار الديني على الفايسبوك وصول «أون. تي. في» إلى مكان الحادث قبل المحطات الأخرى للتشكيك في أنّ القناة تملك معلومات مسبقة عن الحادث. ودعّم هؤلاء وجهة نظرهم بالإشارة إلى أنّ المحطة تابعة لنجيب ساويرس المعارض لمرسي، رغم أنّ رجل الأعمال المصري أعلن بيعها قبل أسابيع للتونسي طارق بن عمار (الأخبار 7/12/2012). وكان لافتاً تباطؤ قنوات التلفزيون المصري في نقل الحدث. أكثر من ذلك، لقد واصلت عرض برامجها العادية كأن شيئاً لم يكن، حتى إنّ الفضائية المصرية واصلت عرض فيلم لإسماعيل ياسين! في المقابل، كان بهاء الطويل مراسل «أون. تي. في» أول إعلامي ينجح في بلوغ موقع الحدث بعدما اعتمدت القناة لساعة كاملة على شهادات شهود العيان من هناك. جاءت هذه الأخيرة مؤثرة إلى درجة بكاء مذيع النشرة حساني بشير على الهواء مباشرة قبل أن يفاجئه وزير النقل حاتم عبد اللطيف في اتصال هاتفي بطلب تفاصيل عن الحادث! والمفارقة أنّ الوزير طلب من بشير إطلاعه على المستجدات وهو في طريقه إلى موقع الكارثة. بعد ساعات، تحرّكت دينا عبد الرحمن سريعاً واستضافت زميلتها ليليان داوود مذيعة «أون. تي. في» لتعلّقا معاً على الحادث الذي كانت تفاصيله المرعبة قد بدأت في الظهور وسط استياء جميع الإعلاميين من تحميل قنوات تلفزيونية مسؤولية هذه الجريمة لأنها كانت الأسرع في الوصول إلى موقع الحادث، وسخريتهم من اتهام المعارضة بتدبير الحادث لإحراج مرسي قبل العيد الثاني للثورة التي ما زال معظم المصريين يرونها مستمرة.



غضب إلكتروني

اللافت أنّ الشكوك التي تحدّث عنها المناصرون لمرسي في ما يخص حادث القطار ووجهت بهجمة عنيفة من الشباب الغاضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي. قال الكاتب محمد فتحي عبر تويتر إنّ الاتهام نفسه يمكن توجهيه إلى «الجزيرة مباشر» التي كانت موجودة أولاً في معظم الأحداث الساخنة التي شهدتها مصر منذ قيام الثورة. وبعيداً عن تلك الاتهامات، كان المشهد الإعلامي بعد منتصف ليل أمس مزرياً إلى حد كبير. ظلّت قناة «أون. تي. في» وشقيقتها «أون. تي. في لايف» فقط تنقلان الأحداث وسط غياب تام وغير مسبوق لـ«الجزيرة مباشر مصر».