القدس المحتلّة | يحاول فيلم «غزة 36 ملم» (وثائقي، 48 دقيقة) الذي عرض أخيراً في «المركز الثقافي الفرنسي» في القدس المحتلة عرض تاريخ السينما في غزة، لكنه يقع في خطابية عاطفية منذ جملته الأولى. يسرد مخرج الفيلم خليل المزين معاناته مع السينما، وكيف كان يجمع الخردة حتى يشتري بثمنها تذكرة لدخول السينما، وتهديد والده بطلاق أمه إذا ذهب إلى السينما مرة أخرى، وغيرها من الحكايات التي تكرس الصور النمطية عن تأخر المجتمع العربي.يتناول «غزة 36 ملم» المحطات الرئيسية التي مرت بها دور العرض في غزة منذ أن حوت 12 صالة قبل النكبة وأُغلقت جميعها، ثم يأتي «المُخلص» المتمثل في «وكالة الغوث» لتقدم الأفلام المصرية على شاشات عرض في مخيمات اللاجئين. يتشجع بعض سكان غزة بعدها ويعاودون فتح صالات العرض التي تزدهر في السبعينيات والثمانينيات حتى تُشل في الانتفاضة الأولى، ثم يصبح هناك «حالة من النهضة» مع قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994 بحسب تعبير المخرج خليل المزين. الظلام الإسلامي وتحريض الجوامع كانا محور هذه المحطات من دون إشارة إلى عوامل أخرى أسهمت في الحال التي آلت إليها الصالات في مختلف المدن في فلسطين المحتلة، خصوصاً وأنت تحضر هذا الفيلم في إحدى الغرف الضيّقة للمركز الثقافي الفرنسي «شاتوبريان». وعلى بعد 300 متر منك، تقبع السينما الأضخم في القدس «سينما الحمراء» وقد حوّلها رجل أعمال فلسطيني إلى مطعم وقاعة أعراس. وهي حال عدد كبير من دور العرض في العالم العربي وليس فلسطين فحسب.

لم يكن الفيلم موفقاً في جانبه الفني أيضاً؛ جاءت مشاهده سريعة ومقطعة شتتت انتباه المشاهد.
الجمهور الذي حضر العرض أبدى استياءه من المهاجمة الفجة للحركات الإسلامية، والبعض الآخر وجدها فرصة للشماتة في «حكومة غزة». حتى الجمهور الأجنبي لم يخف خيبة أمله من الجانب الفني للفيلم. انطباعات من شاهدوا الفيلم في القدس تنفي بشدة تبريرات القائمين على العمل التي نخشى أن تصبح لازمة لكل عمل فلسطيني؛ كعدم توافر ميزانية كافية أو مقومات للعمل السينمائي. ومن التصريحات النمطية للقائمين على الشريط (التوأم أحمد ومحمد أبو ناصر اللذان شاركا المخرج في التصوير والمونتاج) أنّ «10% من أهل غزة ينادون بالثقافة والسينما، والباقي يبحثون عن لقمة العيش، اليوم هناك أولويات في غزة أهم من السينما». لا شك في أنّ السينما في غزة مصابة بشلل كحال العديد من القطاعات الثقافية والفنية، وأن جزءاً كبيراً من المسؤولية تتحمله حكومة «حماس» في تضييقها المستمر على الحريات الفردية، إلّا أن ما سبق لا يعني أن نقبل إنتاجات ضعيفة تتجاوب مع التنميطات الغربية وتركب موج غزة إلى مهرجانات عربية أو عالمية!