القاهرة | يطلب المستشار نوح من المهندس رؤوف أن ينسى الهموم التي كانت تثقله حين كان حياً، يرد رؤوف مستنكراً: «يعني أعمل إيه؟ التفت لمستقبلي كشبح؟» تخطى فيلم أحمد حلمي «على جثتي» المليون الثاني في الأيام الثلاثة الأولى من عرضه في الصالات المصرية (انطلق يوم 16 الحالي) رغم «حرب التسريب» التي حاول المنتجان «شادوز» و«نيوسينشري» تفاديها بطرح الفيلم في مصر والسوق الخارجي معاً. تسرب الفيلم إلى يوتيوب لم يخفض نسبة إقبال الجمهور.
ما زال حلمي يحتل كعادته الإيرادات، لكن الفيلم نفسه ليس أفضل أعمال الكوميديان الناجح. يسيطر مهندس الديكور رؤوف (حلمي) على موظفيه بصرامة، وبالقدر نفسه على بيته وزوجته ضعيفة الشخصية سحر (غادة عادل) وطفلهما رفعت. في مشهد طريف، يعاقب طفله على انخفاض علاماته المدرسية ــ طبقاً لمعايير الأب ــ بأن يسحب منه نسخة ديوان البحتري، لأنّه لم يعد يستحق هذا «الترفيه». حادث سيارة يلقي بالمهندس رؤوف في حالة بين الحياة والموت، لكنه لم يعرف ذلك. وجد نفسه فجأة يسير بلا هدى في الشوارع ولا يتذكر شيئاً، لا أحد يستطيع رؤيته أو مخاطبته، إلى أن يلتقي المستشار نوح (حسن حسني) الذي يخبره بأنهما معاً متوفيان، لا يمكن لأحد أن يسمعهما أو يشعر بهما. مصادفة سريعة تساعد رؤوف في التعرف إلى شخصيته. يشاهد إعلاناً تلفزيوناً عن المعرض الذي كان يمتلكه في الحياة. ومن المعرض يذهب إلى البيت، ليكتشف أنّ مشاعر الحب التي كان يحيطها به أهله وموظفوه لم تكن سوى قناع زائف، ثم يكتشف الأهم أنّه لم يمت بعد، بل يرقد في غيبوبة عميقة.
قصة وسيناريو تامر إبراهيم في تجربته السينمائية الأولى، بدت متماسة مع الأفلام الأجنبية، خصوصاً Just Like Heaven. ليس الاقتباس جديداً على حلمي، لكن المخرج محمد بكير الآتي من تجربة درامية مميزة في «طرف تالت»، لم يضف لمسته الخاصة على العمل. قليلة هي المشاهد التي وصفها بالمبتكرة رغم ما تحمله الثيمة الخيالية من إمكانات كبيرة. مثلاً، لم يحاول الشبحان رؤوف ونوح لمس أي شخص حيّ، مع أنها محاولة بديهية في ذهن المشاهد. كذلك كانت المشاهد التي يتخيلها رؤوف قبل الحادث، المعبرة عن شكوكه في الأقربين، فقيرة بدت اقتباساً أشد فقراً لنظيرتها في المسلسل الأميركي Scrubs. ما ينطبق على المخرج ينسحب على عناصر الإخراج. موسيقى أمير هداية لم تحوِ جملة ميزة، لا زوايا مبتكرة في تصوير أحمد جبر، ومونتاج خشن لأحمد حافظ. لكنّ الأسوأ هو فقر الديكور (رامي دراج) رغم أنّ بطل الفيلم يعمل صاحباً ومديراً لمعرض ديكور، لكن لم يتم استغلال ذلك إلا عبر بعض «الإفيهات» الجنسية، كالموظفة التي تريد الانتقال إلى «قسم السراير». كفيلم أنتج للعرض في إجازة منتصف العام الدراسي، يبدو أنّ روح الاجازة سيطرت على صنّاعه. لا يمكن ملاحظة أي أداء خاص لطاقم التمثيل، مع أفضلية نسبية لغادة عادل. ولم يضف إلى ذلك الظهور الشرفي المفاجئ للنجمين أحمد السقا، وخالد أبو النجا.