القاهرة | مع ازدياد الأوضاع سوءاً في سوريا، بلغ عدد اللاجئين في مصر حوالى 10 آلاف شخص وفق ما أكد «المكتب الإقليمي لمفوضية اللاجئين في مصر». صار طبيعياً التعامل مع أبناء الشام في المتاجر والصيدليات والمطاعم، خصوصاً في مدينتي «السادس من أكتوبر»، و«الشيخ زايد». ورغم نشر إحصاءات لـ«المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية» تفيد بأنّ عدد المتسولين المصريين تجاوز خمسة آلاف في القاهرة، إلا أنه لم يعد مستغرباً أن تقابل طفلاً بائساً يحمل بطاقة هوية سورية ويتوجه إليك قائلاً: «أنا سوري، اعطني شيئاً لله».ليس التعاطف وحده ما يدفع أرباب العمل في «مدينة 6 أكتوبر» التي تبعد 40 كيلومتراً عن قلب العاصمة إلى تشغيل عمّال سوريين، بل إنّ انخفاض أجورهم يعدّ السبب الرئيس لذلك. وقد ازدادت بدلات الإيجار، وأسعار الشقق في المدينة التي شهدت نزوحاً عراقياً كبيراً عقب الاحتلال الأميركي عام 2003، وانتشرت فيها مكاتب لبعض الجماعات الدينية التي تُعنى بجمع التبرعات، فضلاً عن انتشار صناديق التبرعات في أغلب المساجد التي يسيطر عليها السلفيون تحت شعار «نصرة الشعب السوري».
كل ذلك يبدو طبيعياً في حالات استثنائية كالتي تشهدها المنطقة. لكنّ الغريب أن تستقل سيارة أجرى سائقها سوري من حمص جاء إلى مصر قبل أشهر قليلة. بداية قد يخيّل لك أنّه من الصعيد المصري، فلهجته ليست قاهرية. يخبرك الحقيقة في النهاية، رغم أنه قلّما يصارح أحداً بذلك لسببين: الأول خشية طمع اللصوص الذين قد يسرقون مورد رزقه فـ«الغريب ضعيف مهما كان»، أما الثاني فهو رغبته في تجنّب الحصول على مبالغ تفوق أجره، ما قد يعتبره «نوعاً من التسوّل».
تعرّف فادي ــ كما عرّف عن نفسه ـــ إلى صاحب السيارة عن طريق شخص سلفي تعاطف معه. لكن مهلاً، كيف يجد طريقه إلى زواريب القاهرة بعد تسلّم السيّارة كل صباح من منطقة أحد أحياء مدينة الجيزة؟ يقر فادي بأنّه يرفض الكثير من «المشاوير»، ويستعين بالركاب في معظم الأوقات لمساعدته على إيجاد المكان المنشود. ولتفادي مشاكل المرور، ادعى أنّ لديه رخصة قيادة دولية، لكنه (والحمد لله) لم يصادف ضابط مرور منذ أن بدأ العمل.
مع دخول الأزمة السورية مرحلة قد تزيد من دموية المشهد، يُرجّح أن تزداد أعداد اللاجئين خلال الفترة المقبلة، ما يعني أنّ فادي وغيره من أبناء بلده سيبحثون عن مهن أخرى. هذا ما أكّدته مؤسسة «بيت العائلة»، إحدى المؤسسات الأهلية العاملة في مجال الإغاثة التي وفرت خلال شهر واحد نحو 50 فرصة عمل للسوريين. وتتعاون المؤسسة مع «الجمعية الشرعية»، و«بنك الطعام» من أجل توفير احتياجات يومية لأكثر من 310 أسر سورية.